3lgm
عضو مميز
- التسجيل
- 29 سبتمبر 2008
- المشاركات
- 6,409
أعزائي رواد هذا المنتدى العزيز على قلوبنا , لطالما كان التطبيل وبث الإشاعات موجوداً , لكن ربما لاحظتم تزايده وارتفاع وتيرته في فترات التصريف وما قبل نزول السوق , وأنه كلما زاد خطر السوق زاد استخدام كلمات رنانة مثل (ارتفاع صاروخي) (على مسؤوليتي سيحدث كذا وكذا) (ان ارتفع لن تستطيع صيد السهم الفلاني) (فرصة لن تتعوض) (الجروب الفلاني سيقود السوق) (الشركة الفلانية إلى أسعار كذا وكذا).
لذا رأيت أن أكتب هذا الموضوع وأطلبكم السموحة عن الخطأ والإطالة.
أولاً (التطبيل) في اللغة جاء من الاسم الثلاثي (طبل) وهو الآلة الموسيقية الجوفاء والتي تصدر أعلى صوت بين الآلات الموسيقية عند استخدامها , والتطبيل يحدث بواسطة أفراد متطوعين أو مكلفين بواسطة أناس آخرين وبالوسائل والأساليب المختلفة التي تجعل منها أداة سهلة الانتشار، سريعة التأثير، فهي تنطلق من جزء من الواقع أو خبر أو حديث شفهي لا يذكر فيه المصدر أو الشكل الذي قيلت فيه وتلوكها الألسن وتتناقلها الأفواه ووسائل الاتصال في سبيل تدبيس أشخاص معينين والإغارة على أموالهم .
ما هو التطبيل:
التطبيل عبارة عن نشر خبر ما وهمي ، وبدون ذكر المصدر والدليل على صحته ، والتطبيل عادة يقوم بنشر الخبر المختلق بطريقة شبه سرية وسبّاقة ، وفي بعض الأحيان قد يكون الخبر حقيقي ، ولكن التطبيل يلبسه الكثير من التهويل والتحريف والتحوير الذي يخدم غايات في نفس المطبل .
وهكذا يمكن تعريف التطبيل ، بأنه ضغط إخباري مجهول المصدر ، يحيطه الغموض والإبهام ، ويحظى باهتمام أناس مستهدفين بعينهم ، ويهدف إلى إثارة مشاعر معينة وبلبلة الأفكار بهدف التأثير بعمق في نفسية الفريق المستهدف.
كيف يولد التطبيل وينمو:
يجتاز التطبيل قبل ظهوره وانتشاره ثلاث مراحل هي:
1ـ مرحلة الإدراك الانتقائي : إي إدراك المطبل للحدث أو الخبر وانتقائه ، ويرجع اهتمام المطبل بالحدث أو الخبر لمغزاه وهدفه (يكون بالمقام الأول مرتبط بشركة يريد المطبل تصريف أسهمه فيها أو تجميع أسهمها).
-2 مرحلة التنقيح بالخبر والإضافة : وذلك حتى تتلاءم العناصر المكونة للتطبيل مع بعضها البعض من جهة ومعلومات الفريق المستهدف من جهة أخرى (حيث يستهدف بالأساس قليلي الخبرة الذين لا يستطيعون اتخاذ قراراتهم بأنفسهم , وتتم هذه العملية باللعب على وتر كلمات مثل (على مسؤوليتي) حيث يميل المبتدئ لإلقاء عبء اتخاذ القرار على غيره حتى يلوم غيره إن أخطأ).
-3 مرحلة الاستيعاب النهائي والانطلاق والانتشار بين الجماهير : وذلك بعد أن يكون صيغة التطبيل مستساغة وسهلة الاستيعاب ومتوافقة مع الأفكار السائدة في المجتمع (مثل أن تكون الشركة قد رست عليها مناقصة أو تم بيع عقار تمتلكه , وأن هذه المعلومة سيفصح عنها قريباً).
ويحكم نجاح التطبيل شرطين أساسيين هما : الأهمية والغموض ، حيث أن قوة التطبيل هي محصلة أهمية الموضوع بالنسبة للأفراد المعنيين ودرجة غموض الخبر ، فشدة قوة التطبيل لا يكون حاصل جمع (الأهمية+الغموض) , وإنما هو حاصل ضرب (الأهمية x الغموض) بمعنى أنه إذا كانت أهمية الخبر (صفراً) أو إذا كان الغموض (صفراً) فلن يكون هناك تطبيل .
وهكذا إذا كانت قوة التطبيل تتركز في الغموض والأهمية , فيمكن أن نقول ، أن فرصة انتشار التطبيل تزيد :
1- بازدياد درجة انسجام الخبر مع صياغته (مثال: الجروب الفلاني يقود السوق لهذه الأسباب).
2- كلما كان الوسط المستهدف مستعداً لتقبله .
3- كلما كان محتوى التطبيل مختصراً (مثال: صعود صاروخي).
4- كلما عبرت عن رغبة أو رهبة في نفوس أعضاء الجماعة (رغبة في ربح أو رهبة من خسائر).
سبل مواجهة التطبيل:
يقال أنه في أحد الأيام صادف الفيلسوف سقراط أحد معارفه فقال له: «سقراط، أتعلم ما سمعت عن أحد طلابك؟» رد عليه سقراط: «قبل أن تخبرني أود منك أن تجتاز امتحاناً صغيراً يدعى امتحان الفلتر الثلاثي، لنأخذ لحظة لنفلتر ما كنت ستقوله. الفلتر الأول هو : الصدق، هل أنت متأكد أن ما ستخبرني به صحيح؟». فرد الرجل: «في الحقيقة لا، في الواقع لقد سمعت الخبر و...» قاطعه سقراط: «حسناً، إذا أنت لست أكيداً أن ما ستخبرني به صحيح أو خطأ. لنجرب الفلتر الثاني، فلتر : الطيبة. هل ما ستخبرني به عن طالبي شيء طيب؟» فأجاب الرجل: «لا، على العكس...» تابع سقراط: «حسناً، إذا ستخبرني شيئاً سيئاً عن طالبي على الرغم من أنك غير متأكد من أنه صحيح؟» بدأ الرجل بالشعور بالإحراج. فتابع سقراط: «ما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان، فهناك فلتر ثالث- فلتر :الفائدة. هل ما ستخبرني به عن طالبي سيفيدني؟» فرد الرجل: «في الواقع لا». فقال له سقراط: «إذا كنت ستخبرني بشيء ليس بصحيح ولا بطيب ولا بذي فائدة أو قيمة، لماذا تخبرني به من الأصل؟»
وطريقة تمحيص الفيلسوف اليوناني قد تفيدنا في التثبت من المعلومات التي نستقي في زماننا هذا القائم على تشويه الحقائق ولي عنقها عبر الإنترنت والمنتديات والبريد الإلكتروني ورسائل الموبايل التي يتداخل فيها الصالح بالطالح والمعلومة بالرأي وكل واحد يزيد ويدلي حسب خبرته وأهوائه ، وكلها تتفاعل بطريقة (سمعت وأرسل وانشر!) دون واجب التثبت إن جاء الفاسق بنبأ .
يجب علينا أخواني ألا ننجذب إلى الأخبار والمعلومات بلا تثبت وقد أمرنا القرآن الكريم أن نتثبت إن جاءنا فاسق بنبأ بلا بيّنة , لا نكون ساذجين نسمع ونصدق دون برهان وعلم.
بقي أخيراً أن نعلم أن من يقف خلف التطبيل لابد وأن له مصلحة شخصية , و أن هذا الشخص مجرد من الأخلاق وأنه من المستهينين بما أمر الله به ورسوله , فقد قال الله عز وجل (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) , وقال رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه (من آذى مؤمناً فقد آذاني).
التطبيل بلا شك جزء من الحرب النفسية ، وان مقاومتها هو نوع من أنواع الجهاد ، وانه مسؤولية جماعية , أي أنها تقع على كاهل كل عضو من خلال عدم التأثر بالتطبيل وتصديقه والتهاون بشأنه وشأن التأكد من صحته , وكذلك تجنب ترديد التطبيل ونشره بين الناس ، وفضحه فور قراءته ، وذلك بهدف القضاء عليه في مهده , حيث أنه تالف للأموال هادم للبيوت ومفكك للعائلات , ولذلك يجب ألا نتهاون بشأنه وأن نحذر من شروره , وأن نلزم وصية المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إذ قال : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت).
ودمتم
لذا رأيت أن أكتب هذا الموضوع وأطلبكم السموحة عن الخطأ والإطالة.
أولاً (التطبيل) في اللغة جاء من الاسم الثلاثي (طبل) وهو الآلة الموسيقية الجوفاء والتي تصدر أعلى صوت بين الآلات الموسيقية عند استخدامها , والتطبيل يحدث بواسطة أفراد متطوعين أو مكلفين بواسطة أناس آخرين وبالوسائل والأساليب المختلفة التي تجعل منها أداة سهلة الانتشار، سريعة التأثير، فهي تنطلق من جزء من الواقع أو خبر أو حديث شفهي لا يذكر فيه المصدر أو الشكل الذي قيلت فيه وتلوكها الألسن وتتناقلها الأفواه ووسائل الاتصال في سبيل تدبيس أشخاص معينين والإغارة على أموالهم .
ما هو التطبيل:
التطبيل عبارة عن نشر خبر ما وهمي ، وبدون ذكر المصدر والدليل على صحته ، والتطبيل عادة يقوم بنشر الخبر المختلق بطريقة شبه سرية وسبّاقة ، وفي بعض الأحيان قد يكون الخبر حقيقي ، ولكن التطبيل يلبسه الكثير من التهويل والتحريف والتحوير الذي يخدم غايات في نفس المطبل .
وهكذا يمكن تعريف التطبيل ، بأنه ضغط إخباري مجهول المصدر ، يحيطه الغموض والإبهام ، ويحظى باهتمام أناس مستهدفين بعينهم ، ويهدف إلى إثارة مشاعر معينة وبلبلة الأفكار بهدف التأثير بعمق في نفسية الفريق المستهدف.
كيف يولد التطبيل وينمو:
يجتاز التطبيل قبل ظهوره وانتشاره ثلاث مراحل هي:
1ـ مرحلة الإدراك الانتقائي : إي إدراك المطبل للحدث أو الخبر وانتقائه ، ويرجع اهتمام المطبل بالحدث أو الخبر لمغزاه وهدفه (يكون بالمقام الأول مرتبط بشركة يريد المطبل تصريف أسهمه فيها أو تجميع أسهمها).
-2 مرحلة التنقيح بالخبر والإضافة : وذلك حتى تتلاءم العناصر المكونة للتطبيل مع بعضها البعض من جهة ومعلومات الفريق المستهدف من جهة أخرى (حيث يستهدف بالأساس قليلي الخبرة الذين لا يستطيعون اتخاذ قراراتهم بأنفسهم , وتتم هذه العملية باللعب على وتر كلمات مثل (على مسؤوليتي) حيث يميل المبتدئ لإلقاء عبء اتخاذ القرار على غيره حتى يلوم غيره إن أخطأ).
-3 مرحلة الاستيعاب النهائي والانطلاق والانتشار بين الجماهير : وذلك بعد أن يكون صيغة التطبيل مستساغة وسهلة الاستيعاب ومتوافقة مع الأفكار السائدة في المجتمع (مثل أن تكون الشركة قد رست عليها مناقصة أو تم بيع عقار تمتلكه , وأن هذه المعلومة سيفصح عنها قريباً).
ويحكم نجاح التطبيل شرطين أساسيين هما : الأهمية والغموض ، حيث أن قوة التطبيل هي محصلة أهمية الموضوع بالنسبة للأفراد المعنيين ودرجة غموض الخبر ، فشدة قوة التطبيل لا يكون حاصل جمع (الأهمية+الغموض) , وإنما هو حاصل ضرب (الأهمية x الغموض) بمعنى أنه إذا كانت أهمية الخبر (صفراً) أو إذا كان الغموض (صفراً) فلن يكون هناك تطبيل .
وهكذا إذا كانت قوة التطبيل تتركز في الغموض والأهمية , فيمكن أن نقول ، أن فرصة انتشار التطبيل تزيد :
1- بازدياد درجة انسجام الخبر مع صياغته (مثال: الجروب الفلاني يقود السوق لهذه الأسباب).
2- كلما كان الوسط المستهدف مستعداً لتقبله .
3- كلما كان محتوى التطبيل مختصراً (مثال: صعود صاروخي).
4- كلما عبرت عن رغبة أو رهبة في نفوس أعضاء الجماعة (رغبة في ربح أو رهبة من خسائر).
سبل مواجهة التطبيل:
يقال أنه في أحد الأيام صادف الفيلسوف سقراط أحد معارفه فقال له: «سقراط، أتعلم ما سمعت عن أحد طلابك؟» رد عليه سقراط: «قبل أن تخبرني أود منك أن تجتاز امتحاناً صغيراً يدعى امتحان الفلتر الثلاثي، لنأخذ لحظة لنفلتر ما كنت ستقوله. الفلتر الأول هو : الصدق، هل أنت متأكد أن ما ستخبرني به صحيح؟». فرد الرجل: «في الحقيقة لا، في الواقع لقد سمعت الخبر و...» قاطعه سقراط: «حسناً، إذا أنت لست أكيداً أن ما ستخبرني به صحيح أو خطأ. لنجرب الفلتر الثاني، فلتر : الطيبة. هل ما ستخبرني به عن طالبي شيء طيب؟» فأجاب الرجل: «لا، على العكس...» تابع سقراط: «حسناً، إذا ستخبرني شيئاً سيئاً عن طالبي على الرغم من أنك غير متأكد من أنه صحيح؟» بدأ الرجل بالشعور بالإحراج. فتابع سقراط: «ما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان، فهناك فلتر ثالث- فلتر :الفائدة. هل ما ستخبرني به عن طالبي سيفيدني؟» فرد الرجل: «في الواقع لا». فقال له سقراط: «إذا كنت ستخبرني بشيء ليس بصحيح ولا بطيب ولا بذي فائدة أو قيمة، لماذا تخبرني به من الأصل؟»
وطريقة تمحيص الفيلسوف اليوناني قد تفيدنا في التثبت من المعلومات التي نستقي في زماننا هذا القائم على تشويه الحقائق ولي عنقها عبر الإنترنت والمنتديات والبريد الإلكتروني ورسائل الموبايل التي يتداخل فيها الصالح بالطالح والمعلومة بالرأي وكل واحد يزيد ويدلي حسب خبرته وأهوائه ، وكلها تتفاعل بطريقة (سمعت وأرسل وانشر!) دون واجب التثبت إن جاء الفاسق بنبأ .
يجب علينا أخواني ألا ننجذب إلى الأخبار والمعلومات بلا تثبت وقد أمرنا القرآن الكريم أن نتثبت إن جاءنا فاسق بنبأ بلا بيّنة , لا نكون ساذجين نسمع ونصدق دون برهان وعلم.
بقي أخيراً أن نعلم أن من يقف خلف التطبيل لابد وأن له مصلحة شخصية , و أن هذا الشخص مجرد من الأخلاق وأنه من المستهينين بما أمر الله به ورسوله , فقد قال الله عز وجل (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) , وقال رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه (من آذى مؤمناً فقد آذاني).
التطبيل بلا شك جزء من الحرب النفسية ، وان مقاومتها هو نوع من أنواع الجهاد ، وانه مسؤولية جماعية , أي أنها تقع على كاهل كل عضو من خلال عدم التأثر بالتطبيل وتصديقه والتهاون بشأنه وشأن التأكد من صحته , وكذلك تجنب ترديد التطبيل ونشره بين الناس ، وفضحه فور قراءته ، وذلك بهدف القضاء عليه في مهده , حيث أنه تالف للأموال هادم للبيوت ومفكك للعائلات , ولذلك يجب ألا نتهاون بشأنه وأن نحذر من شروره , وأن نلزم وصية المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إذ قال : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت).
ودمتم