«تراجع في أسعار السكني والاستثماري وتباين في التجاري وفقا للمحافظات»
تقرير «بيتك» العقاري الفصلي / تداولات العقار تنكمش 60 في المئة خلال الربع الأخير
لاحظ بيت التمويل الكويتي أن تباطؤا ملحوظا في التداول العقاري بنسبة 37 في المئة خلال العام الماضي، مقارنة بنسبة نمو بلغت 58.4 في المئة خلال العام السابق، مشيراً إلى أن «انخفاض النمو في التداولات صاحبه تراجع في معدلات الأسعار في بعض المناطق والعقارات السكنية والاستثمارية في حين تباين أداء أسعار العقارات التجارية بين الارتفاع والانخفاض وفقا للمحافظات».
وأظهرت حسابات أجرتها «الراي» بناء على الأرقام الواردة في التقرير الفصلي لـ«بيتك» عن سوق العقار، أن تداولات القطاع تراجعت في الربع الرابع من العام الماضي بنسبة 59.73 في المئة. إذ سجلت 496 مليون دينار في الربع الرابع من 2008، مقارنة بـ 1.23 مليار دينار في الفترة المماثلة من 2007.
وأشار في تقريره إلى أن «التوسع في النشاط العقاري عام 2008، بدأ يفقد وتيرته السريعة في النمو متأثرا بجملة من العوامل تمثلت في القانونين رقم 8 و9 لعام 2008 واللذين صدرا في نهاية فبراير وحظرا على جميع الشركات والمؤسسات الفردية التعامل بالبيع أو الشراء أو الرهن أو إصدار حوالة للغير، كما منع البنوك الإسلامية من تمويل العقاري السكني الأمر الذي أدى إلى انخفاض التداولات وحال دون حصول العديد من شرائح المجتمع على سكن مناسب في ضوء متوسطات الدخول مقارنة بمتوسطات أسعار الأراضي والعقارات، فضلا عن تأثر القطاع العقاري بأكبر الأزمات المالية منذ الحرب العالمية الثانية والتي ألمت بالأسواق في شهر سبتمبر من العام 2008».
كما رافق هذا الانخفاض في الأسعار تراجع في الطلب على العقارات وسادت الأسواق حالة من الترقب والانتظار في ظل الضبابية التي ما زالت تحيط بمصير وتداعيات الأزمة المالية العالمية، والتوترات المالية الأكثر حدة في الأسواق المالية والنقدية العالمية، وأزمة الثقة الموجودة في معظم الأسواق ومن بينها الأسواق الخليجية والمحلية والتي شهدت حالة من التراجعات غير مسبوقة.
وكان القطاع العقاري المحلي قد شهد تطورات مهمة في الأعوام الماضية، فقد ساهم ارتفاع أسعار النفط العالمية، وتزايد الإيرادات النفطية في طفرة سيولة نقدية وجهت معظمها إلى سوق الأسهم وسوق العقارات المحلية ما أدى إلى تضخم في أسعار الأصول بالإضافة إلى توجه المستثمرين إلى التوسع في الاستثمار العقاري لا سيما التجاري منه حيث شهدت البلاد خلال الثلاث سنوات الماضية نهضة عمرانية غير مسبوقة وارتفع ناتج قطاع التشييد من 1.172 مليار دولار عام 2003 إلى 2.047 مليار دولار أميركي بنسبة ارتفاع قدرها 74 في المئة.
وصاحب الطلب على الاستثمار العقاري ارتفاعا موازيا في الطلب على مواد البناء ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعارها، وأمام معطيات الأزمة المالية وتوقف بعض المشروعات المحلية والعالمية وإحجام البعض الآخر عن الاستثمار العقاري تحسبا من تداعيات الأزمة عادت أسعار مواد البناء لتسجل انخفاضا ملحوظا، بالإضافة إلى توجه العديد من المستثمرين لتقليص نفقاتهم وترشيد مدفوعاتهم وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تخفيض الطلب على العقارات التجارية والاستثمارية وخصوصا الجديد منها ما قد يدفع الملاك لإجراء تخفيضات في الأسعار سعيا نحو رفع نسب الأشغال في أملاكهم.
ومع ذلك يبقى العقار أحد أهم القنوات الاستثمارية والأكثر تنافسية في ظل ثبات معدلات العائد الاستثماري حيث يتراوح العائد ما بين 6 و15 في المئة بالإضافة إلى انخفاض تكلفة تشغيل العقارات، وتصدق المقولة «العقار يمرض ولا يموت»، وبالتالي فإن معظم ملاك العقار ما زالوا يتمسكون بعقاراتهم باعتبارها ملاذا آمنا ومدرا ويحتفظ إلى حد بعيد بقيمة ثرواتهم.
ولا شك أن هناك علاقة ارتباط واضحة بين ما يجري في سوق الأسهم والسوق العقاري فمن ناحية كان الكثيرون يعتمدون على العوائد من سوق الأسهم في توسيع دائرة استثماراتهم العقارية وزيادة ثرواتهم بفعل الأداء الإيجابي الذي شهده سوق الأسهم خلال السنوات الثلاث الماضية.
ومن ناحية أخرى، تأثرت أسهم الشركات العقارية المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية حيث سجلت القيمة السوقية لقطاع العقارات انخفاضا من 4.060 مليار دينار إلى 2.592 مليار دينار بنسبة انخفاض 36.1 في المئة عن العام 2007، كما انخفض مؤشر السوق للقطاع العقاري بنسبة 39.75 في المئة بالمقارنة بالعام الماضي هو اقل بشكل طفيف من نسبة انخفاض إجمالي السوق والبالغ 36.93 في المئة خلال الفترة نفسها.
ويبقى الدور الحكومي المفقود دورا رئيسيا ومطلوبا في هذه المرحلة من خلال العمل مع زيادة الإنفاق الحكومي وطرح مزيد من الأراضي واستكمال مشروعات البنية التحتية ومساندة المشروعات العقارية تحت التنفيذ من خلال تأسيس صندوق إنقاذ لتوفير السيولة لبعض من الوقت، حتى يخرج السوق العقاري من كبوته.
ومن المتوقع أن يؤدي حكم القضاء التاريخي للمحكمة الكلية في 21 ديسمبر 2008 إلى تنشيط السوق العقاري وخصوصا السكني منه، وقد قضى الحكم بعدم خضوع «بيتك» والبنوك الإسلامية لأحكام القانون رقم 8 و9 لسنة 2008، وذلك استنادا إلى أن البنوك الإسلامية هي مؤسسات ذات طبيعة خاصة، تنظم أعمالها تشريعات خصوصاً، وأن قانون البنوك الإسلامية رقم ( 30 ) لسنة 2003 قد استثنى البنوك الإسلامية مما ورد في القانون رقم 8 و9 لسنة 2008.
كما يقضي الحكم بإلغاء قرار وزارة العدل بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات والأمر بمواصلة تسجيل وقيد التصرفات الواردة على عقارات السكن الخاص في البيع والرهن وهذا الحكم من شأنه إعادة فتح المجال مرة أخرى لعودة التمويل العقاري وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية وتسهيل توفير السكن الخاص للمواطنين وإلغاء قرار وزارة العدل بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات.
وقد جاء هذا الحكم في وقته وهو وقت صعب ينبغي أن تتضافر فيه الجهود جميعا للعمل نحو استعادة الثقة في أسواقنا والحفاظ على وتيرة أداء الاقتصاد المحلي وتوسيع دائرة القطاع الخاص في القيام بأنشطة استثمارية وعقارية بحيث نخرج من أحادية المورد الاقتصادي وهو النفط، والذي شهدت أسعاره تراجعا ملموسا منذ الأزمة المالية العالمية بفعل اتساع دائرة الركود في الغرب وبالتالي فالكويت ليست بمنأى عن الأزمة المالية وتداعياتها وأهم تداعياتها هو انخفاض الطلب على النفط وبالتالي انخفاض أسعاره فقد شهدت أسعار النفط انخفاضا بنسبة تجاوزت 50 في المئة منذ آخر ذروة بلغتها أخيراً، حيث سجلت مستويات غير مسبوقة منذ أوائل عام 2007 متأثرة بالهبوط الملحوظ في الاقتصاد العالمي وتقلص النمو في الدول المتقدمة وارتفاع سعر الدولار ووقوع الأزمة المالية بالرغم من قرار تخفيض الإنتاج الذي اتخذته منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وتمشيا مع تطورات السوق خفض صندوق النقد الدولي من آفاق النمو العالمي وسعر النفط المتوقع عما كان عليه من 100 دولار إلى 68 دولار للبرميل عام 2009.
فعلى صعيد إجمالي السوق العقاري شهدت مؤشرات التداول الصادرة عن إدارة التسجيل والتوثيق بوزارة العدل خلال الربع الرابع من عام 2008 انخفاضا قيمته 49.335 مليون دينار، بنسبة انخفاض قدرها 8.3 في المئة مقارنة بالربع الثالث من عام 2008 والبالغ قيمته 545.767 مليون دينار.
وارتفع الوزن النسبي للصفقات العقارية للسكن الخاص مقارنة بالربع السابق ليصل إلى ما نسبته 39.5 في المئة من إجمالي التداولات العقارية البالغة 496.431 مليون دينار، وقد سجلت صفقات السكن الخاص ما قيمته 196.140 مليون دينار في الربع الرابع من عام 2008، مرتفعة عن الربع الثالث بنسبة 6.2 في المئة، حيث ارتفع عدد صفقات السكن الخاص لتبلغ 998 صفقة للربع الرابع من عام 2008 مقارنة بـ 907 عن الربع الثالث من عام 2008، في حين ارتفع متوسط الصفقة الواحدة خلال الربع الرابع 2008 ليصل إلى 424 ألف دينار مقارنة بـ 234 ألف دينار خلال الربع الثالث من عام 2008، وذلك لارتفاع عدد الصفقات بنسبة 10 في المئة، وانخفاض أسعار السكن الخاص في بعض المناطق في الوقت نفسه، وقد سجل شهر ديسمبر 2008 أعلى معدل للتداول حيث استحوذ على ما نسبته 47 في المئة بقيمة 92.568 مليون دينار من إجمالي التداولات الخاصة والبالغة 196.140 مليون دينار خلال الربع الرابع من عام 2008 في حين جاء شهر نوفمبر في المرتبة الثانية بقيمة 67.385 مليون دينار وبحصة قدرها 34 في المئة وجاء شهر أكتوبر في المرتبة الأخيرة بقيمة 36.189 مليون دينار وبحصة قدرها 18 في المئة بالنسبة لإجمالي التداولات في السكن الخاص.
وارتفع إجمالي التداولات الاستثمارية العقارية بشكل طفيف خلال الربع الرابع من عام 2008 ليصل إلى 189.613 مليون دينار مقارنة بـ 184.773 مليون دينار في الربع الثالث من عام 2008 بنسبة ارتفاع بلغت 2.6 في المئة، وجاء شهر نوفمبر في المرتبة الأولى لحجم التداولات خلال الربع الرابع من عام 2008 مسجلا ما قيمته 84.873 مليون دينار، وجاء شهر أكتوبر في المرتبة الثانية مسجلا تداولا قيمته 73.874 مليون دينار بينما جاء شهر ديسمبر في المرتبة الثالثة للتداولات مسجلا تداولا قيمته 30.865 مليون دينار.
وشهد النصف الثاني من العام انخفاضا ملحوظا في التداولات الاستثمارية ترقبا لتعديل القانون رقم 8 و9 والخوف من تداعيات الأزمة المالية العالمية، حيث إن أجواء عدم الثقة في الأسواق قد أثرت في تسجيل انخفاض ملحوظ في مستويات الأسعار وخصوصا أسعار العقارات التجارية والاستثمارية نتيجة لدخول أجواء ركود وبروز مؤشرات تدل على انخفاض مبيعات المحلات التجارية وتجارة التجزئة في الربع الأخير من العام بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 40 في المئة حسب تقديرات بعض التجار في السوق المحلي.
وانخفض إجمالي تداولات العقارات التجارية بشكل واضح وملحوظ خلال الربع الرابع من عام 2008 نظرا لزيادة المعروض من العقارات التجارية وانخفاض الطلب عليها وبالتالي انخفاض أسعارها في ظل النظرة غير المتفائلة لدى بعض التجار واتجاه البعض لغلق المحلات التجارية أو عرضها للبيع نتيجة لانخفاض مبيعاتهم وتقلص حجم الاستهلاك المحلي وخصوصا في مجال تجارة التجزئة والمواد الغذائية، كما أن العقارات التجارية الجديدة والمعروضة للسكن تواجه نقصا في الطلب عليها مما قد يضطر البعض إلى تخفيض أسعار التأجير، وهناك رصد لحالات توقف عن استكمال تنفيذ بعض المشروعات التجارية العقارية، حيث انخفضت قيمة التداولات بنسبة 35.7 في المئة مسجلة ما قيمته 109.127 مليون دينار مقارنة بالربع الثالث من عام 2008 والبالغ 169.633 مليون دينار وهو ما أدى إلى انخفاض نصيبه من إجمالي التداولات ليصل إلى 22 في المئة، على حساب الصفقات العقارية للسكن الخاص والتي اقترب نصيبها ليصل إلى 40 في المئة والصفقات الاستثمارية البالغة 38 في المئة، وقد احتل شهر نوفمبر المرتبة الأولى حيـث وصل إلى 47.978 مليون دينار، بينما سجل شهر أكتوبر المرتبة الثانية حيث وصل حجم تداولاته الى 40.047 مليون دينار، وسجل أيضا شهر ديسمبر المرتبة الثالثة حيث وصلت حجم تداولاته إلى 21.101 مليون دينار في حين بلغ متوسط الصفقة الواحدة خلال الربع الرابع من عام 2008 ما قيمته 2.321 مليون دينار مقارنة بـ 3.029 مليون دينار للربع الثالث من عام 2008، ويعود انخفاض قيمة متوسط الصفقة الواحدة إلى ارتفاع عدد الصفقات، ووصول أسعارها في بعض المناطق إلى معدلات منخفضة.
العقار تحت تأثير الأزمة المالية:
تسييل الأصول المرهونة زاد العرض
قال تقرير «بيتك» إن الأزمة المالية العالمية أضافت بعداً جديداً له تأثير على حركة التداول وأسعار العقار الاستثماري بالكويت، فعلى الرغم من كون العقار يمرض ولا يموت إلا أن الأزمة قد بدأت في التأثير بالفعل على مؤشرات العقار حيث شهدت التداولات العقارية خلال الربع الأخير ارتفاعا ملموسا على الرغم من انخفاض الأسعار. وفي ما يلي أبرز تأثيرات الأزمة:
1. بيع بعض العقارات المرهونة لدى بعض البنوك مقابل قروض موجه لسوق الأسهم والذي مني بخسائر كبيرة ما قد يعرض تلك العقارات للبيع وفاء للديون وهو ما أدى إلى زيادة حجم المعروض في السوق من العقارات الاستثمارية ودفع الأسعار للانخفاض.
2. اتساع تأثير الأزمة وعدم وجود حلول سريعة لاستعادة الثقة بالأسواق واستمرار الأجواء الضبابية ما يدفع البعض للترقب من ناحية أو الخوف من ناحية أخرى حيث سادت حالة من عدم وضوح القرار الاستثماري في مجال العقار.
3. أدت الأزمة المالية العالمية إلى ركود الأسواق العالمية وتخفيض الطلب على مواد البناء ما يدفعها للانخفاض وهو ما سوف يعيد تنشيط سوق الإنشاءات ويزيد المعروض- بشرط استعادة الثقة- بعد أن توقف العديد من المستثمرين في وقت سابق نتيجة لزيادة أسعار مواد البناء.
4. تأثير الإجراءات المعتمدة من قبل بنك الكويت المركزي على العقار الاستثماري والمتمثلة بخفض سعر الفائدة واعتبار العقار أداة رهن للديون من شأنه أن يقلل تكلفة الاقتراض ويزيد الطلب على القروض العقارية الموجه للقطاع الاستثماري العقاري.
5. يتوقع انتعاش العقار المحلي بعد أن تهدأ عواصف الأزمة نتيجة لتوقع تدفق أموال المستثمرين هروباً من الأسواق العالمية وبحثاً عن استثمار أكثر أمانا وربحية وهو ما يتوافر في الاستثمار العقاري، كما ان دولة الكويت مرشحة ضمن عدة دول لتكون مركزا للنمو العالمي.
6. تزايد الطلب على العقارات الاستثمارية من شريحة بعض مستثمرين باحثين عن عائد جيد وشهري وهو ما شهد تحسنا نتيجة لانخفاض أسعار العقارات الاستثمارية من ناحية
وتخفيض سعر الفائدة من ناحية أخرى بهدف تحقيق دخل ثابت شهرياً وخروجاً من المضاربات السابقة في العقار أو سوق الأوراق المالية