«القبس» تنشر حكايات متعاملين في سوق الكويت التهمت المؤشرات جيوبهم
مأساة الصغار
كتب سعود الفضلي:
ذهول، وجوم، عصبية زائدة، سبات عميق.. مظاهر عديدة عبرت عن حال جموع المتداولين في مبنى سوق الكويت للأوراق المالية خلال الايام الاخيرة جراء حالة الانهيار التي تشهدها المؤشرات ووصولها إلى مرحلة غير مسبوقة هذا العام. وإذا كان من المعتاد أن تسمع التصفيق في الأفراح والمناسبات السعيدة، فإن التصفيق في هذه الايام السوداء كان له سبب مغاير تماماً، حيث تعم السوق موجة من التصفيق بعد وصول التراجع في المؤشر السعري إلى 500 نقطة تعبر عن حالة الحنق التي ألمت بالمتداولين وفقدانهم الأمل الذي كانوا يتمنونه في استعادة السوق عافيته.
أثناء جولة لـ «القبس» في السوق، لم تكن مهمتنا سهلة في التحدث إلى المتداولين، الذين كانت العصبية هي السائدة في تعاملهم معنا، وكان رد الغالبية منهم عندما استأذناهم بالتحاور معهم «هذا وقته.. احنا وين والصحافة وين؟.
وبعد جهد، استطعنا أن نخرج بحصيلة يسيرة من المتداولين، رفض أغلبهم ذكر اسمائهم الصريحة أو تصويرهم. تحدثنا معهم عن حجم الخسائر التي أصابت كل واحد منهم نتيجة التراجع المستمر في السوق، محاولين معرفة مدى تأثيرها عليهم صحياً واجتماعياً.
يؤكد الجميع أن الأزمة التي يمر بها السوق قضت أو في طريقها للقضاء على جزء كبير من رأسمالهم، في حين يشير بعضهم بحسرة الى أن رأسمالهم في السوق ما هو إلا عبارة عن قروض بنكية أو بيع لجزء من راتب التقاعد، أو رهن للبيت أو بيعه. البعض الآخر أوضح أن السجن قد يكون مصيره ما لم يعدل السوق من مساره التنازلي في الأيام المقبلة. وعن درجة اليأس التي وصل إليها الوضع في السوق، عبّر أحدهم ساخرا من أداء وزير التجارة في تصديه لأوضاع السوق وغلاء الاسعار بالقول: أدعو أحمد باقر الى ضخ كميات كبيرة من «المعكرونة» في البورصة علها تساعد على انتشال السوق مما هو فيه! تماما كما فعل في ضخ الهدية الرمضانية.
ومن التعليقات الطريفة ما قاله أحد المتداولين عندما سألناه عن تأثير وضع البورصة على العلاقة الاسرية إذ قال: «أنا وزوجتي محد يطالع بوجه الثاني». تتعدى الخسارة في البورصة الماديات لتصيب العلاقات الاجتماعية، والأسرية تحديداً، وكذلك الاصابة بالعديد من الأمراض والأعراض الصحية التي تصيب الكثير من المتداولين نتيجة تفاعلهم مع أوضاع السوق.
وإليكم تفاصيل هذه اللقاءات التي تعكس الوضع المأساوي للمتداولين في البورصة هذه الأيام:
الوزان: خسرت 200 ألف دينار في أيام وحالتي النفسية سيئة
علي الوزان متداول آخر يقول إنه في ظل الأوضاع الأخيرة في السوق فإنه خسر 200 ألف دينار، أي ثلثي رأسماله في السوق. وينحي باللائمة على الأوضاع الحالية في السوق إلى زيادات رؤوس الأموال التي «نشفت» السيولة في السوق، مؤكداً أنها تذهب لتوسعات الشركات في الخارج، ويكون ضحيتها هم صغار المتداولين في السوق، داعياً الحكومة، ممثلة بوزارة التجارة، إلى وضع إجراءات أكثر تشددا تكبح جماح هذه الزيادات التي تكون أسبابها غير مقنعة في الكثير من الحالات.
ويضيف الوزان: أمام هكذا أوضاع ماذا عسانا أن نفعل؟ بالتأكيد تأثير هذه الخسائر كبير علينا. نحن في حالة نفسية سيئة تلقي بظلالها سلبياً على علاقتنا بكل من حولنا. حتى الأسر تكثر فيها المشاكل، فكم من أسرة كان السوق سبباً في تشتتها. ناهيك عن الأمراض التي تنتج عن العصبية الزائدة والانفعال، كالقولون والضغط والسكر.
الحداد: خسرت في ساعات ما حققته في سنوات والقدرة الشرائية لرب الأسرة تضاءلت
يوافقه الرأي عباس الحداد الذي يحمّل أيضاً زيادات رؤوس أموال بعض الشركات المسؤولية عمّا آل إليه وضع السوق، ويقول: خسارتي تفوق المليون دينار. لك أن تتخيل ما وضعي الآن وأنا أرى أني أخسر خلال أيام ما حققته خلال سنوات. الوضع أقل ما يقال عنه بأنه مأساوي تأثيره ليس على السوق أو المتداولين فيه فقط، ولكنه ينعكس على أسرهم، فتكثر المشاكل نتيجة العصبية الزائدة، وتكثر الأمراض، وتقل قدرة رب الأسرة على الوفاء بحاجيات أسرته.
أبو أحمد: أرباب الأسر مهددون بالسجن في ظل عدم قدرتهم على سداد ديونهم
أبو أحمد يقول إن حجم الخسارة في الأسهم التي يملكها إذا ما أراد البيع يفوق 160 ألف دينار، لكنه لا ينوي البيع الآن، على أمل أن تتحسن أوضاع السوق في الفترة المقبلة. ويتساءل بحرقة: أين دورالحكومة؟ لماذا لم تتدخل إلى الآن؟ الوضع يهدد بكوارث إنسانية لها تداعياتها السلبية على حياة الكثير من الأسر الكويتية، ليس علي أنا شخصياً، فأنا قادر على الصمود. لكن كم من مدين سواء لبنوك وشركات، لن يستطيع سداد ديونه أو الالتزام بسداد قروضه بعد أن خسر ما يملك نتيجة الوضع المأساوي الحالي في البورصة؟ ماذا سيفعل من ستتفسخ عقود الآجل الخاصة بهم في مثل هكذا أوضاع؟
كثير من الأسر مهددة بالسجن، وأوضاعها الأسرية في ترد مستمر، فماذا تنتظر الحكومة لتتدخل؟
الزيد: أسهمي خسرت 600 ألف ولم أبع
يقول غنيم الزيد، الذي يقدر حجم الخسارة الحالية للأسهم التي يمتلكها بـ 600 ألف دينار، ان المتداولين يتذوقون المرارة كل يوم فأين التحرك الحكومي؟ كل ما نسمعه حتى الآن إشاعات. أعصابنا متوترة والأوضاع لها انعكاساتها السيئة على الكثير من الأسر الكويتية إذا ما استمرت. أنا قد أتحمل وأصبر، ولكن ماذا يفعل غالبية المتداولين ممن كبلوا أنفسهم بالتزامات لا يستطيعون الوفاء بها في مثل هذا الوضع؟
أبو محمد: بعت بيتي وأخاف اليوم الذي لن أستطيع فيه دفع الإيجار
أبو محمد متداول خمسيني رفض ــ بداية ــ التحدث إلينا، ثم وافق بعد محاولات، مشترطا عدم ذكر اسمه الصريح أو نشر صورته.
مأساة أبو محمد مع السوق قد تختصر مدى المعاناة التي قد يسببها السوق في حياة الكثير من الأسر الكويتية. يقول والندم باد على وجهه: بعد تقاعدي، وبناء على ما سمعته عن إمكان تحقيق مردود مادي ممتاز من المضاربة في البورصة، قررت دخول السوق، وفضلت حينها أن أدخل برأسمال كبير فكلما زاد رأس المال زاد الربح الذي من الممكن أن أجنيه، وهذه الخطوة التي ما زلت نادماً عليها. إذ بعت منزلي لأدخل السوق برأسمال بلغ 240 ألف دينار. يضيف: الآن، وبعد 3 سنوات من دخولي السوق، ونتيجة لسيل من الخسائر المتكررة، وآخرها الأزمة الحالية، لم أسلم إلا على 30 ألفاً، ولا أدري إلى أين ستصل بي الحال.
أبو محمد يؤكد أنه يريد الخروج بلا عودة من السوق، لكن بعد أن يعوض بعض خسائره، داعياً الحكومة إلى التدخل لضخ أموال تعيد النشاط إلى السوق.
وحول إذا ما كان تأثير الخسارة في السوق يأخذ أبعاداً أخرى في حياته يقول: الحالة الصحية، وبفضل السوق أولاً وأخيراً، من سيئ إلى أسوأ، نتيجة للتفكير الدائم في أنه قد يأتي اليوم الذي لا أستطيع سداد إيجار البيت الذي أقطنه وعائلتي. فأنا مريض بالضغط، الذي دائماً ما يرتفع بسبب الانفعالات التي تصاحب حركة التداول. كذلك الأمر في ما يخص علاقتي بأسرتي فأنا على خلاف دائم مع الأهل بسبب العصبية الزائدة، واتهام أبنائي لي بالتسبب في الأحوال السيئة التي يعيشونها.
أبو بدر: القوانين لاحقتني من سوق العقار إلى الأسهم وندمت على عدم الاستثمار في الخارج
أبو بدر متداول حول نشاطه أخيراً إلى البورصة بعد القوانين التي أضرت حسب قوله في نشاطه في سوق العقار السكني. يقول: دخلت سوق الأسهم لأن الاستثمار في العقار لم يعد مجدياً في ظل القوانين الأخيرة التي منعت الشركات من بيع ورهن العقار السكني، لأصطدم مرة أخرى بالقوانين، فقرارات البنك المركزي هي السبب فيما آلت إليه الأمور في البورصة. لا أقول إنها خاطئة ولكنها أتت دفعة واحدة.
ويضيف أبو بدر بنبرة صوت عالية: خلال الأسبوعين الماضيين خسرت أكثر من نصف ما حققته خلال سنوات طويلة من عملي في العقار، فهل تريدنا الحكومة أن نتوجه بأموالنا إلى خارج البلد؟
ويبدي ندمه على دخول السوق، متمنياً عودة الزمن إلى الوراء ليأخذ بنصيحة الكثير من الأصدقاء بأن يستثمر رأسماله في الدول المجاورة، فالاستثمار في الكويت محفوف بالمخاطر في ظل القوانين المتقلبة التي تتخذ وتطبق دون دراسة كافية لمدى تأثيرها على الاقتصاد والمواطنين.
ويضيف: الوضع يجعلني في حالة من النرفزة الدائمة، وهذا الأمر ينعكس على علاقتي بالأسرة والأبناء. كما أنها تجعلني ككثير من المتداولين الذين نالهم ما نالهم من الوضع المأساوي للسوق أقل قدرة شرائية من السابق على تلبية مطالب أفراد الأسرة. وهذا الوضع بالطبع له آثاره النفسية علي وعلى أسرتي.
الشلاحي: بعت راتبي التقاعدي وخسارتي 25 ألفاً مرشحة للتزايد
منيع الشلاحي يقول والذهول على وجهه: لا أعرف سبباً لما يحصل. لقد غامرت وبعت راتبي التقاعدي لأدخل السوق. وها أنا أخسر خلال أيام 25 ألفاً مرشحة للتزايد إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
ويضيف: لا أدري ماذا أفعل.. الوضع مقلق جداً.. أنا أتعامل بالآجل ولدي عقود ستتفسخ قريباً ليس لدي القدرة على سدادها. نحن نعيل أسراً وإذا لم يتحسن وضع السوق فإن الوضع سيكون مأساوياً علينا.
منيف الشلاحي: قروض والتزامات «الآجل» لا أعرف كيف أسددها
منيف الشلاحي يقول: خسارتي خلال الأسبوعين الماضيين تفوق 100 ألف دينار. لقد اقترضت وحملت نفسي التزامات من أجل الدخول في السوق. وها أنا اليوم أمام وضع مأساوي. فكيف سأستطيع الوفاء بالتزاماتي؟ أنا أتعامل بالآجل ولدى عقود سيستحق سدادها قريباً، فكيف السبيل إلى ذلك؟ أتمنى ألا يستمر الوضع طويلاً، لعلي أستطيع أن أعوض بعض خسائري التي بالتأكيد لها تأثيرها على نفسيتي ونفسيات أسرتي.
مأساة الصغار
كتب سعود الفضلي:
ذهول، وجوم، عصبية زائدة، سبات عميق.. مظاهر عديدة عبرت عن حال جموع المتداولين في مبنى سوق الكويت للأوراق المالية خلال الايام الاخيرة جراء حالة الانهيار التي تشهدها المؤشرات ووصولها إلى مرحلة غير مسبوقة هذا العام. وإذا كان من المعتاد أن تسمع التصفيق في الأفراح والمناسبات السعيدة، فإن التصفيق في هذه الايام السوداء كان له سبب مغاير تماماً، حيث تعم السوق موجة من التصفيق بعد وصول التراجع في المؤشر السعري إلى 500 نقطة تعبر عن حالة الحنق التي ألمت بالمتداولين وفقدانهم الأمل الذي كانوا يتمنونه في استعادة السوق عافيته.
أثناء جولة لـ «القبس» في السوق، لم تكن مهمتنا سهلة في التحدث إلى المتداولين، الذين كانت العصبية هي السائدة في تعاملهم معنا، وكان رد الغالبية منهم عندما استأذناهم بالتحاور معهم «هذا وقته.. احنا وين والصحافة وين؟.
وبعد جهد، استطعنا أن نخرج بحصيلة يسيرة من المتداولين، رفض أغلبهم ذكر اسمائهم الصريحة أو تصويرهم. تحدثنا معهم عن حجم الخسائر التي أصابت كل واحد منهم نتيجة التراجع المستمر في السوق، محاولين معرفة مدى تأثيرها عليهم صحياً واجتماعياً.
يؤكد الجميع أن الأزمة التي يمر بها السوق قضت أو في طريقها للقضاء على جزء كبير من رأسمالهم، في حين يشير بعضهم بحسرة الى أن رأسمالهم في السوق ما هو إلا عبارة عن قروض بنكية أو بيع لجزء من راتب التقاعد، أو رهن للبيت أو بيعه. البعض الآخر أوضح أن السجن قد يكون مصيره ما لم يعدل السوق من مساره التنازلي في الأيام المقبلة. وعن درجة اليأس التي وصل إليها الوضع في السوق، عبّر أحدهم ساخرا من أداء وزير التجارة في تصديه لأوضاع السوق وغلاء الاسعار بالقول: أدعو أحمد باقر الى ضخ كميات كبيرة من «المعكرونة» في البورصة علها تساعد على انتشال السوق مما هو فيه! تماما كما فعل في ضخ الهدية الرمضانية.
ومن التعليقات الطريفة ما قاله أحد المتداولين عندما سألناه عن تأثير وضع البورصة على العلاقة الاسرية إذ قال: «أنا وزوجتي محد يطالع بوجه الثاني». تتعدى الخسارة في البورصة الماديات لتصيب العلاقات الاجتماعية، والأسرية تحديداً، وكذلك الاصابة بالعديد من الأمراض والأعراض الصحية التي تصيب الكثير من المتداولين نتيجة تفاعلهم مع أوضاع السوق.
وإليكم تفاصيل هذه اللقاءات التي تعكس الوضع المأساوي للمتداولين في البورصة هذه الأيام:
الوزان: خسرت 200 ألف دينار في أيام وحالتي النفسية سيئة
علي الوزان متداول آخر يقول إنه في ظل الأوضاع الأخيرة في السوق فإنه خسر 200 ألف دينار، أي ثلثي رأسماله في السوق. وينحي باللائمة على الأوضاع الحالية في السوق إلى زيادات رؤوس الأموال التي «نشفت» السيولة في السوق، مؤكداً أنها تذهب لتوسعات الشركات في الخارج، ويكون ضحيتها هم صغار المتداولين في السوق، داعياً الحكومة، ممثلة بوزارة التجارة، إلى وضع إجراءات أكثر تشددا تكبح جماح هذه الزيادات التي تكون أسبابها غير مقنعة في الكثير من الحالات.
ويضيف الوزان: أمام هكذا أوضاع ماذا عسانا أن نفعل؟ بالتأكيد تأثير هذه الخسائر كبير علينا. نحن في حالة نفسية سيئة تلقي بظلالها سلبياً على علاقتنا بكل من حولنا. حتى الأسر تكثر فيها المشاكل، فكم من أسرة كان السوق سبباً في تشتتها. ناهيك عن الأمراض التي تنتج عن العصبية الزائدة والانفعال، كالقولون والضغط والسكر.
الحداد: خسرت في ساعات ما حققته في سنوات والقدرة الشرائية لرب الأسرة تضاءلت
يوافقه الرأي عباس الحداد الذي يحمّل أيضاً زيادات رؤوس أموال بعض الشركات المسؤولية عمّا آل إليه وضع السوق، ويقول: خسارتي تفوق المليون دينار. لك أن تتخيل ما وضعي الآن وأنا أرى أني أخسر خلال أيام ما حققته خلال سنوات. الوضع أقل ما يقال عنه بأنه مأساوي تأثيره ليس على السوق أو المتداولين فيه فقط، ولكنه ينعكس على أسرهم، فتكثر المشاكل نتيجة العصبية الزائدة، وتكثر الأمراض، وتقل قدرة رب الأسرة على الوفاء بحاجيات أسرته.
أبو أحمد: أرباب الأسر مهددون بالسجن في ظل عدم قدرتهم على سداد ديونهم
أبو أحمد يقول إن حجم الخسارة في الأسهم التي يملكها إذا ما أراد البيع يفوق 160 ألف دينار، لكنه لا ينوي البيع الآن، على أمل أن تتحسن أوضاع السوق في الفترة المقبلة. ويتساءل بحرقة: أين دورالحكومة؟ لماذا لم تتدخل إلى الآن؟ الوضع يهدد بكوارث إنسانية لها تداعياتها السلبية على حياة الكثير من الأسر الكويتية، ليس علي أنا شخصياً، فأنا قادر على الصمود. لكن كم من مدين سواء لبنوك وشركات، لن يستطيع سداد ديونه أو الالتزام بسداد قروضه بعد أن خسر ما يملك نتيجة الوضع المأساوي الحالي في البورصة؟ ماذا سيفعل من ستتفسخ عقود الآجل الخاصة بهم في مثل هكذا أوضاع؟
كثير من الأسر مهددة بالسجن، وأوضاعها الأسرية في ترد مستمر، فماذا تنتظر الحكومة لتتدخل؟
الزيد: أسهمي خسرت 600 ألف ولم أبع
يقول غنيم الزيد، الذي يقدر حجم الخسارة الحالية للأسهم التي يمتلكها بـ 600 ألف دينار، ان المتداولين يتذوقون المرارة كل يوم فأين التحرك الحكومي؟ كل ما نسمعه حتى الآن إشاعات. أعصابنا متوترة والأوضاع لها انعكاساتها السيئة على الكثير من الأسر الكويتية إذا ما استمرت. أنا قد أتحمل وأصبر، ولكن ماذا يفعل غالبية المتداولين ممن كبلوا أنفسهم بالتزامات لا يستطيعون الوفاء بها في مثل هذا الوضع؟
أبو محمد: بعت بيتي وأخاف اليوم الذي لن أستطيع فيه دفع الإيجار
أبو محمد متداول خمسيني رفض ــ بداية ــ التحدث إلينا، ثم وافق بعد محاولات، مشترطا عدم ذكر اسمه الصريح أو نشر صورته.
مأساة أبو محمد مع السوق قد تختصر مدى المعاناة التي قد يسببها السوق في حياة الكثير من الأسر الكويتية. يقول والندم باد على وجهه: بعد تقاعدي، وبناء على ما سمعته عن إمكان تحقيق مردود مادي ممتاز من المضاربة في البورصة، قررت دخول السوق، وفضلت حينها أن أدخل برأسمال كبير فكلما زاد رأس المال زاد الربح الذي من الممكن أن أجنيه، وهذه الخطوة التي ما زلت نادماً عليها. إذ بعت منزلي لأدخل السوق برأسمال بلغ 240 ألف دينار. يضيف: الآن، وبعد 3 سنوات من دخولي السوق، ونتيجة لسيل من الخسائر المتكررة، وآخرها الأزمة الحالية، لم أسلم إلا على 30 ألفاً، ولا أدري إلى أين ستصل بي الحال.
أبو محمد يؤكد أنه يريد الخروج بلا عودة من السوق، لكن بعد أن يعوض بعض خسائره، داعياً الحكومة إلى التدخل لضخ أموال تعيد النشاط إلى السوق.
وحول إذا ما كان تأثير الخسارة في السوق يأخذ أبعاداً أخرى في حياته يقول: الحالة الصحية، وبفضل السوق أولاً وأخيراً، من سيئ إلى أسوأ، نتيجة للتفكير الدائم في أنه قد يأتي اليوم الذي لا أستطيع سداد إيجار البيت الذي أقطنه وعائلتي. فأنا مريض بالضغط، الذي دائماً ما يرتفع بسبب الانفعالات التي تصاحب حركة التداول. كذلك الأمر في ما يخص علاقتي بأسرتي فأنا على خلاف دائم مع الأهل بسبب العصبية الزائدة، واتهام أبنائي لي بالتسبب في الأحوال السيئة التي يعيشونها.
أبو بدر: القوانين لاحقتني من سوق العقار إلى الأسهم وندمت على عدم الاستثمار في الخارج
أبو بدر متداول حول نشاطه أخيراً إلى البورصة بعد القوانين التي أضرت حسب قوله في نشاطه في سوق العقار السكني. يقول: دخلت سوق الأسهم لأن الاستثمار في العقار لم يعد مجدياً في ظل القوانين الأخيرة التي منعت الشركات من بيع ورهن العقار السكني، لأصطدم مرة أخرى بالقوانين، فقرارات البنك المركزي هي السبب فيما آلت إليه الأمور في البورصة. لا أقول إنها خاطئة ولكنها أتت دفعة واحدة.
ويضيف أبو بدر بنبرة صوت عالية: خلال الأسبوعين الماضيين خسرت أكثر من نصف ما حققته خلال سنوات طويلة من عملي في العقار، فهل تريدنا الحكومة أن نتوجه بأموالنا إلى خارج البلد؟
ويبدي ندمه على دخول السوق، متمنياً عودة الزمن إلى الوراء ليأخذ بنصيحة الكثير من الأصدقاء بأن يستثمر رأسماله في الدول المجاورة، فالاستثمار في الكويت محفوف بالمخاطر في ظل القوانين المتقلبة التي تتخذ وتطبق دون دراسة كافية لمدى تأثيرها على الاقتصاد والمواطنين.
ويضيف: الوضع يجعلني في حالة من النرفزة الدائمة، وهذا الأمر ينعكس على علاقتي بالأسرة والأبناء. كما أنها تجعلني ككثير من المتداولين الذين نالهم ما نالهم من الوضع المأساوي للسوق أقل قدرة شرائية من السابق على تلبية مطالب أفراد الأسرة. وهذا الوضع بالطبع له آثاره النفسية علي وعلى أسرتي.
الشلاحي: بعت راتبي التقاعدي وخسارتي 25 ألفاً مرشحة للتزايد
منيع الشلاحي يقول والذهول على وجهه: لا أعرف سبباً لما يحصل. لقد غامرت وبعت راتبي التقاعدي لأدخل السوق. وها أنا أخسر خلال أيام 25 ألفاً مرشحة للتزايد إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
ويضيف: لا أدري ماذا أفعل.. الوضع مقلق جداً.. أنا أتعامل بالآجل ولدي عقود ستتفسخ قريباً ليس لدي القدرة على سدادها. نحن نعيل أسراً وإذا لم يتحسن وضع السوق فإن الوضع سيكون مأساوياً علينا.
منيف الشلاحي: قروض والتزامات «الآجل» لا أعرف كيف أسددها
منيف الشلاحي يقول: خسارتي خلال الأسبوعين الماضيين تفوق 100 ألف دينار. لقد اقترضت وحملت نفسي التزامات من أجل الدخول في السوق. وها أنا اليوم أمام وضع مأساوي. فكيف سأستطيع الوفاء بالتزاماتي؟ أنا أتعامل بالآجل ولدى عقود سيستحق سدادها قريباً، فكيف السبيل إلى ذلك؟ أتمنى ألا يستمر الوضع طويلاً، لعلي أستطيع أن أعوض بعض خسائري التي بالتأكيد لها تأثيرها على نفسيتي ونفسيات أسرتي.