تحول إلى »تابو« من المحرمات و»حقل ألغام«.. فالجميع يهرب من الحديث حوله.. والكل يتجنب الخوض في تفاصيله
هل يُصلح »التفنيش« وتخفيض الرواتب ما أفسدته الأزمة المالية في الكويت؟
كتب طارق عرابي: بات واضحا اتجاه بعض الشركات العاملة في مختلف القطاعات في الكويت الى اجراء تخفيضات في اعداد الوظائف كردة فعل على الازمة الاقتصادية العالمية مع ترشيد الرواتب في الوقت الذي سادت فيه مخاوف تسريح العمالة »التفنيش« في اطار خطط المؤسسات والشركات لمواجهة التداعيات السلبية للازمة المالية العالمية خصوصا في ظل اعلان شركات خليجية خطوات تسريح للعمالة كما فعلت شركة داماك العقارية التي قررت الاستغناء عن 200 موظف، وشركة أمنيات العقارية التي قررت أيضا الاستغناء عن 60 موظفا الى جانب شركة اعمار الاماراتية فيما بررت هذه الشركات استراتيجية »التفنيش« بأنها تأتي في اطار خطط الشركات في خفض نفقاتها التي لن تتوقف على وقف التوظيف بل يمتد الى أنشطة أخرى قد ترى الادارة التنفيذية أن من المناسب وقفها والتخفيف منها، مشيرة الى أن كافة الشركات خصوصا العاملة في القطاعات الخدمية والعقارية والمالية أسرفت في التوظيف على مدار الأعوام الماضية خصوصا عامي الطفرة 2004 و2005.
ولكن وفي المقابل لاحظت المصادر تكتم الشركات الكويتية على خطوات »التفنيش« وتقليص العمالة , في ظل عدم إعلان حجم عمليات التفنيش و ضعف البيانات المتاحه على الرغم ان هناك معلومات متواترة حول ان بعض الشركات الكويتية ألزمت بعض موظفيها التوقيع على كتب »استقالة« اجبارية وليس اختيارية فيما خفضت شركات اخرى الرواتب واستغنت عن بعض الموظفين.
وبات التطرق لتسريح الشركات الكويتية لموظفيها في ظل الازمة المالية والاقتصادية العالمية، بات يشبه من يخوض في حقل من الالغام، فالمحاذير كثيرة، والمخاوف اكبر ومسؤولو الشركات يتهربون من الخوض في مثل هذه المواضيع.
ومن بين الابواب الكثيرة التي تم طرقها لم تجرؤ سوى شركة المزايا القابضة على التحدث بصراحة فيما وافقت شركة أخرى استثمارية على المشاركة بشرط عدم ذكر اسمها أو التصريح على لسان أحد مسؤوليها، بينما فضل الكثير من الشركات عدم المشاركة أصلاً في موضوع من هذا النوع على اعتبار أنه من »التابوهات« المحرم التطرق اليها في هذا الوقت بالذات وفيما يلي التفاصيل:
بداية تحدث نائب الرئيس والعضو المنتدب والمدير التنفيذي في شركة المزايا القابضة خالد اسبيته قائلا أنه يجب أن نعرف أولا أنه في ظل الأزمة الحالية لا يمكن الحكم على أي قرار اتخذته أي شركة من اجل التخفيف من وطأة الأزمة عليها، لان لكل شركة حالة خاصة بعينها، وكل شركة هي على دراية اكبر بميزانيتها من حيث حجم النفقات والمداخيل والعوائد وواقع المشاريع والقدرة على الاستمرارية وغيره..
وأضاف انه لذلك لا يمكن القول بالصواب المطلق لقرارات بعض الشركات الاستغناء عن موظفيها ولا بأنه قرار خاطىء %100. فقد يكون هذا القرار هو القرار الملائم في حالات بعض الشركات، وقرارا غير ملائم في حالات أخرى وذلك لاختلاف الظروف بين كل شركة واخرى.
وعن رأيه هل مع الاستغناء أم مع التقليص العددي أم تقليص الأجور لمواجهة الأزمة؟ قال اسبيته نحن في »المزايا« مع ترشيد النفقات، وفي المقابل مع الاستفادة القصوى من فريق عمل الشركة وتدريبه ومساعدته عبر اقامة دورات تدريبية دورية وتوفير البرامج الخاصة التي تساعدهم على التعليم المستمر وتكسبهم الحرفية في الانتاج والأداء، حتى لو في أصعب الظروف، كالتي نعيشها حاليا.
ويضيف: نحن لسنا مع أي من الخيارات المطروحة وقد حاولنا تجنبها قدر الامكان وايجاد البدائل الممكنة من اجل ترشيد النفقات والوقاية المستقبلية، كما أننا نؤكد أننا في المزايا مع الاهتمام بموظفينا في كافة الظروف، الى جانب رعاية الكوادر الشابة حديثة التخرج وتدريبها لكي يتم تشكيل كادر بشري مؤهل وقادر على المنافسة والانتاج في كافة الظروف.
وحول هل قرار الاستغناء عن العمالة سيحل مشاكل بعض الشركات؟ أكد اسبيته أن معظم الحلول الحالية هي حلول مبدئية، تحد من الانفاق في الوقت الذي شحت فيه مصادر الدخل، وهي ممكنة في حال الشركات الصغيرة والمتوسطة، كونها تساعد على الاستمرارية لا على الانتاجية والتقدم. فالشركات الكبيرة والتي تدرس خطواتها بشكل جيد من المفترض أن تستمر في رعاية موظفيها لسنة أخرى مقبلة على الأقل حتى لو لم تكن في حالة الانتاج وتحقيق العوائد الفعلية، بمعنى آخر، هذه الحلول قد تكون مفيدة للشركات الصغرى والمتوسطة وهي حلول تساهم في الانتظار عند حافة الهاوية اكبر وقت ممكن دون السقوط، وذلك لان السبب الأساسي للركود الحالي لم ينقشع بعد، ولم تجد الدول والحكومات الحلول المناسبة له، حتى الآن.
سمعة الشركات
وأضاف لا اعتقد أن قرار الاستغناء وحده أو تقليص الرواتب أو سواها من الاجراءات المتخذة حاليا، يمكن أم تؤثر على سمعة الشركات في المستقبل، ذلك لان وضع السوق بشكل عام هو وضع غير سليم، وجميع هذه الاجراءات متاحة ومشروعة للاستمرار..ومن وجهة نظرنا، فان الأمور التي قد تؤثر على سمعة الشركات هي اتخاذ القرارات الخاطئة وسوء الادارة خلال الأزمة أو اتباع اجراءات تؤثر على مصالح العملاء وأموالهم أو غيرها.
وفي رده على سؤال يتعلق باحتفاظ الحكومة بموظفيها رغم ما يشهده الاقتصاد من تدهور على جميع المستويات قال اسبيته أن لدى الحكومات بشكل عام مسؤوليات اجتماعية تجاه موظفيها ومواطنيها تتخطى مسألة الانتفاع المادي وحسب، ألا وهي مسؤولية رعاية العائلات وتوفير الأمان والرخاء الاجتماعي من اجل تحقيق الأمن والأمان الاجتماعي على حد سواء... من هنا، فان تسريح الموظفين في الحكومات ليس بالأمر السهل أو البسيط، خصوصا أن القطاعات الحكومية في الخليج عموما تضم نسبة عالية من القوى العاملة تصل الى %80، فيما %20 هم من القوى العاملة في القطاع الخاص.
وتابع قائلاً انه الى جانب ذلك كله فان ميزانيات الدول ومداخيلها تفوق بشكل كبير ميزانيات ومداخيل القطاع الخاص، خصوصا في الدول الخليجية التي تعتمد على الايرادات النفطية وعلى تنويع مصادر الدخل من أكثر من قطاع. لذا، في حال أصاب الركود قطاعا معينا، فانه لا يمكن أن يؤثر كليا على كافة القطاعات الاقتصادية في الدولة، وذلك عكس ما يمكن ان يحصل في شركات القطاع الخاص التي تعتمد في مداخيلها، في معظم الأحيان، على قطاع اقتصادي واحد.
إعادة الهيكلة
من جهته قال رئيس مجلس ادارة احدى المجموعات الاستثمارية الكبرى (رفض الافصاح عن اسمه أو اسم مجموعته) أن قرار الاستغناء عن العمالة يعتمد على المسببات الفعلية لهذه العملية فالجدير بالذكر أن الاستغناء يمكن أن يكون نتيجة لنظام تقييم الأداء فاذا كان أداء الموظف دون المتوسط يتم الاستغناء عن خدماته وهذا اجراء متبع في جميع الشركات في العالم. أما اذا كان الاستغناء بسبب اعادة هيكلة الوظائف نتيجة لانكماش أعمال الشركات أو الادارات أو الوظائف فيكون الاستغناء عن الموظفين في هذه الحالة أمر حتمي لا مفر منه.
وأضاف مع الأخذ بعين الاعتبار الكلام المذكور فان مجموعته مع الاستغناء والتقليص العددي في هذه الحالات، أما تقليص الأجور فيكون نتيجة لعدم مقدرة الشركة على صرف الرواتب على وضعها الحالي ويعتبر تخفيض الأجر حسب مواد القانون جائزاً بموافقة الطرفين (الشركة والموظف) وتكون هذه بسبب ظروف اقتصادية قاهرة مثل الظروف التي تمر بها دولة الكويت اليوم.
واعتبر رئيس مجلس الادارة أن قرار الاستغناء عن بعض الموظفين في مثل الظروف الحالية من شأنه أن يحل مشكلات الشركات فيما يخص الموظفين ذوي الأداء الضعيف ومن هم يعتبرون فائضين عن الحاجة، مبيناً أن ميزانية التوظيف في الشركات هي من أكبر الميزانيات على كاهل ميزانية الشركة العمومية وبالطبع التخفيض في هذا البند يساعد على توفير المزيد من السيولة بشكل غير مباشر ويساعد أيضاً الشركة على البقاء مدة أطول نظراً لانخفاض التكاليف التشغيلية.
القطاع الخاص
وبينما أقر رئيس مجلس الادارة أن اتخاذ قرارات الاستغناء عن الموظفين سوف على سمعة الشركات، أكد في ذات الوقت على أنه لن يؤثر على بقائها في السوق اذا اتخذت اجراءات أخرى تصحيحية من ضمنها وعلى سبيل المثال الحذر في عمليات منح الائتمان لعملائها واختيار العملاء ذوي التاريخ الائتماني الصحيح والسليم واختيار استثمارات طويل الأجل وبمخاطرة قليلة ومدرة للربح (على سبيل المثال: عمارات مؤجرة تدر ايراد شهري). وأيضاً على الشركات الابتعاد عن الأسواق أو البلدان التي يوجد فيها مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية مما قد يسبب خطورة على استثمارات الشركات في تلك البلدان أو المناطق.
ورأى أن الامر مختلف كثيراً في القطاع الخاص عنه في القطاع الحكومي، ذلك أن تعيين أو الاستغناء عن موظفي الحكومة مرتبط بالقوانين التي يسنها قانون الخدمة المدنية والقوانين التي تصدر عنه، وبصراحة لا توجد استراتيجية واضحة في الحكومة في التعيين أو عند الاستغناء لأنه حتى هذه اللحظة لم تقم أي جهة احترافية بغربلة الاحتياجات الوظيفية الحقيقية في الحكومة وما ينتج عنه من آثار سلبية مثل التراكم الوظيفي في بعض الدوائر الحكومية وقلة الفعالية التشغيلية بسبب ذلك. كما أن الدستور يضمن حق التوظيف للمواطن الحكومي ولايوجد غير القطاع الحكومي من هو ملزم بذلك.
- وشركتان بقطاع الاستثمار »تفنش« موظفين وتخفض الرواتب بنسبة %20
شركة خدماتية تنهي خدمات مئات الموظفين وتشرع في بيع أصولها لعجزها عن دفع رواتبهم
كتب سالم عبد الغفور:
علمت »الوطن« من مصادر مطلعة ان 3 شركات استثمارية وخدماتية قامت بانهاء خدمات مئات الموظفين خلال الفترة الماضية عقب اشتداد أزمتها المالية وعجزها عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاههم نتيجة قروض محلية وخارجية كبيرة وتأخر التدخل الحكومي لمساعدتها.
وقالت المصادر ان احد الشركات الخدماتية المدرجة قامت بانهاء خدمات ما يقرب من 500 من الموظفين لديها والشركات التابعة التي تعمل فى مجالات الاستثمار والنقل والموانئ والعقار وغيرها نتيجة قروض ومطلوبات مالية قريبة تصل الى 140 مليون دينار.
وأضافت المصادر ان الشركة بدأت مؤخرا في عمليات بيع كثيفة في أصولها المتنقلة من قبيل الشاحنات والرافعات وغيرها لتوفير سيولة نقدية للوفاء بالتزاماتها ونتيجة لانخفاض حجم أعمالها بسبب الأزمة المالية.
وذكرت المصادر ان احدى الشركات الاستثمارية قامت خلال الاسبوع الماضي بانهاء خدمات 50 موظفا في يوم واحد من درجات مختلفة بينهم كويتيون لتقليل نفقاتها.
وأضافت ان شركة استثمارية أخرى قامت باخطار موظفيها بانه تقرر تخفيض رواتب جميع العاملين لديها بنسبة تصل الى %20 الى حين الانتهاء من الازمة المالية التي تواجها باعتبار التخفيض هو البديل عن انهاء خدمات عدد كبير من موظفيها.
تاريخ النشر 01/02/2009