أكدوا أنه باستطاعة الدول العربية مجتمعة العبور على جسر قمة الكويت لتلافي تداعيات الأزمة المالية العالمية
خبراء واقتصاديون رسموا متطلبات الخريطة الاقتصادية العربية أمام القمة: تعزيز دور الخاص وإطلاق المشروعات العملاقة
يتسارع العد التنازلي لانطلاق أعمال القمة الاقتصادية التنموية, الاجتماعية التي تستضيفها الكويت يومي 19 و 20 الجاري اقترابا من ساعة الصفر لافتتاح اول قمة من نوعها في العالم العربي والتي جاءت ببادرة من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي يحمل على عاتقه تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري اقليمي وعالمي.
وفيما تنطلق اليوم الجمعة 16 الجاري اجتماعات وزراء الخارجية العرب لاقرار ورفع توصياتهم الى القمة, فقد نشطت بورصة اراء وتطلعات وتوقعات الاقتصاديين والمواطنين العاديين لما يأملون ويتوقعون ان تنجزه هذه القمة.
"السياسة" استطلعت ميدانيا آراء وتطلعات بعض المختصين وما يأملونه من هذه القمة, لتجد ان هذه الاراء والتطلعات توزعت بين 3 محاور رئيسية.
المحور الاول طالب القمة بضرورة العمل على تعزيز دور القطاع الخاص في عملية التنمية والتطوير على مستوى العالم العربي بأكمله مشددين على ضرورة طرح المشاريع العملاقة والضخمة لتشغيل هذا القطاع الذي بدوره سيوفر فرص العمل للشباب والخريجين الجدد اضافة الى مساهمته بتحقيق تنمية مستدامة. المحور الثاني شدد على ضرورة ان تجد القمة مخرجا مشتركا للازمة المالية التي تعصف بمعظم اسواق الدول العربية وذلك من باب السير بالمستثمرين وبالمجتمعات العربية الى شاطئ آمن يقيهم شر الامواج العاتية والاتية بخسائر وكوارث من الغرب ليس للشرق ناقة فيها ولا جمل?.
المحور الثالث شدد على رأي يرى بالمشروعات العملاقة والضخمة المشتركة وسيلة للتعاون الاقتصادي العربي المثمر ووسيلة لتوفير فرص العمل ومكافحة البطالة والجهل والفقر والمرض بما تحققه من تنمية مستدامة يرون أنها لا تتحقق الا بمشاريع نوعية ومميزة الاهداف والتخطيط والتنفيذ.
غير ان اللافت بمن استطلعت آراؤهم أجمعوا على ضرورة ايجاد آلية لتنفيذ ما يتم اقراره والا فانه لاجدوى من أي اجتماعات خلت من التنفيذ .
يذكر ان المواطن العربي تسيطر عليه فكرة تراكمت منذ عشرات السنين وهي ضعف الجدوى والنتائج المرتقبة من أي قمة.
ويعود السبب في تكون هذه الافكار السلبية الى اهمال جامعة الدول العربية وغيرها من المؤسسات والمنظمات العربية تنفيذ ما تتوصل اليه من قرارات, بما فيها القرارات الاقتصادية فتأسيس سوق عربية مشتركة موضوع مطروح منذ أكثر من 30 سنة , وهناك عشرات المشاريع المماثلة التي لم تجد من القمم والاجتماعات الا تخزينها في ادراج وخزائن هذه المؤسسات.
غير ان هناك من يرى خلاف ذلك تجاه هذه القمة لربما لكونها تأتي في ظروف اقتصادية وسياسية عصيبة اقنعت جميع اصحاب القرار في الوطن العربي بضرورة التنفيذ الفعلي لما يتم الانفاق عليه من مشاريع.
فما حدث من أزمة طالت اسعار القمح والارز واللحوم وغيرها من المواد الغذائية الاساسية دفعت بالمسؤولين الى الايمان بضرورة توفير هذه السلع محليا لتجنب تحكم الدول الاخرى بالاسعار بل ان بعض هذه الدول ذهب الى ابعد من مجرد رفع الاسعار الى انها كانت ترفض البيع بأي سعر كان.
اضافة الى ذلك فان فورة اسعار النفط وما حققته من فوائض مالية ذهبت اجزاء منها ادراج الرياح جراء استثمارها في صناديق ومؤسسات عالمية اقنعت البعض بأن افضل استثمار للاموال يكون في التنمية محليا واقليميا في مشاريع تشغيلية حقيقية تحقق ارباحا وتوفر وظائف وتحفظ الاموال من الضياع , والأهم من هذا كله هو ان المنظمة العربية برمتها بحاجة ماسة جدا الى مشاريع تنموية ستراتيجية ضخمة تسهل حركة التجارة العربية.
ومن هذه المشاريع مد سكك حديد تربط اجزاء الوطن العربي بعضها ببعض وهي مشاريع وان كانت مكلفة الا انها في الوقت نفسه مبررة كما يحتاج الوطن العربي برمته بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي التي تتميز بصغر حجم سكانها الى بناء عشرات الاف الوحدات السكنية المناسبة سعرا ومساحة لمحدودي ومتوسطي الدخل لمواجهة الازمة الاسكانية الحادة التي يعانيها الوطن العربي.
اضافة الى ذلك يحتاج الوطن العربي الى مشاريع نوعية لتطوير الخدمات الصحية, وخدمات التعليم والكثير من الخدمات الاجتماعية الاخرى خاصة التي تساهم بتوفير فرص عمل للشباب الخريج الحديث وفيما يلي تفاصيل التحقيق:
المحور الأول: تعزيز دور القطاع الخاص
قمة القاهرة تناقش بعد عامين تنفيذ قرارات اجتماعات الكويت
بداية القمة عنوانها دور القطاع الخاص العربي في عملية التنمية... فهي في الأساس من أجل القطاع الخاص, واعتقد انه بكل تأكيد سيتم تفعيل التوصيات والقرارات السابقة لاسيما سيتم رفع "اعلان الكويت" للقادة العرب.
وحتى يتم تعزيز دور القطاع الخاص, سيتم مناقشة القوانين والتشريعات بين الدول فيما يخص الاستثمار الخارجي ومن المؤكد سيتم تغيير هذه القوانين التي تعيق حركة الاستثمار الخارجي مما سيساعد كثيرا على حركة القطاع الخاص في التنمية العربية... وأنا ارى ان كثيرا من الدول العربية مازالت تطبق قوانين ساعدت على تقييد حركة التنمية عندها ومن ثم انا متفائل بنجاح هذه القمة واعتقد انه من خلال جولاتنا الخارجية في بعض الدول للاعداد للقمة وجدت التفاعل والترحيب بالقمة كبيرين ورأيت في نظر مسؤولي هذه الدول ضرورة التطلع الى حركة تنمية عربية شاملة من منطلق تحقيق السوق العربية المشتركة حتى يكون للاقتصاد العربي ثقل ووزن على مستوى الاقتصاد الدولي, كما انني وبصفتي عضو اللجنة التحضيرية للقمة رأيت ايضا ان القادة يتطلعون بالفعل للتغيير وتعديل بعض التشريعات.
وكما اعلنا ان الورقة الكويتية (اعلان الكويت) ستناقش قضايا الربط المائي والكهربائي, وقانون النقل بين الدول العربية ايضا السكك الحديدية ومشاكل البطالة وباقي التحديات التي تواجه الكثير من الدول العربية.
وحول مدى جدية تفعيل هذه القوانين والقرارات أؤكد ان القمة تقام كل عامين والقمة المقبلة تقام في العاصمة المصرية القاهرة وسيتم خلالها مناقشة ما تم تنفيذه من القرارات التي خرجت بها هذه القمة.
السفير الشيخ علي الخالد الصباح
مدير الادارة الاقتصادية بوزارة الخارجية الكويتية
عضو اللجنة العليا التحضيرية للقمة الاقتصادية
المحور الثاني: كيفية العبور من الأزمة العالمية
الأوروبيون اتحدوا اقتصادياً رغم تباين اللغات وقوتهم المالية
القمة الاقتصادية العربية خطوة في الاتجاه الصحيح علها تساهم في توفير آلاف فرص العمل, وهذه الفرص تقلل من ازمة البطالة في الدول العربية وبشكل عام الوطن العربي, وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي التي تعاني من البطالة التي اصبحت مشكلة عالمية, والكل يعاني منها, وعلى المدى البعيد يجب فتح الباب امام المستثمر الاجنبي وتطوير القوانين لاستقطابه وهناك عدة عوامل اخرى سيكون لها بصمة على الاقتصاد العربي في المستقبل.
ارى ان هذه خطوة جيدة جداً لمستقبل اقتصادي عربي مزدهر خصوصا انه يوجد لدينا تكامل اقتصادي ضعيف جداً اذا تمت المقارنة بين الاقتصاد العربي والاقتصاد الاوروبي خصوصا ان الاتحاد الاوروبي مجموعة دول لا يربطها لا لغة ولا دين ورغم ذلك كونت منظمة اقتصادية كبيرة جدا, وهذا شيء صعب المنال لدى الدول العربية في الوقت الحالي لكنة يمكن ان يتحقق وليس هذا مستحيلا الا انه سيواجه صعوبات كبيرة ومعقدة بسبب الاختلاف السياسي وهناك اشياء كثيرة تعيق هذا الشيء, واذا اردنا ان نحقق اهداف اقتصادية موحدة سنكون بحاجة الى منظمة اقتصادية عربية موحدة تحت مظلة قومية عربية وتكون هذه المنظمة جيدة جداً وستغير طريق الاقتصاد العربي الى الافضل.
واذا كانت هذه المنظمة تحت المظلة الاوروبية ستكون افضل بسبب ان مقدراتنا وامتلاكنا للكثير من الثروات مثل البترول والمعادن والكثير من العناصر والايدي العاملة وغيرها من الاشياء الكثيرة التي يمكن ان تعزز من الوضع الاقتصادي العربي وتعزز اهدافه.
المحور الثالث: المشروعات التنموية العملاقة
يجب تعميق مفهوم التنفيذ
والتنسيق واقعياً لإنجاح خططنا
القمة الاقتصادية بادرة جيدة من حضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد لأنها تضفي اهمية كبرى للاقتصاد العربي نظرا لكونها تضم حزمة من قادة الدول العربية والاقتصاديين المهتمين بقضايا التنمية, لاسيما وان الدول العربية بحاجة ملحة لترتيب اوراقها الاقتصادية من جديد لاسيما في ظل الاضطرابات الحادثة في المنطقة.
تعد هذه القمة الاولى من نوعها في المنطقة العربية نظرا لأنها تحتضن حزمة من الخبراء والمختصين ذوي الخبرة والوعي الاقتصادي, ولأنها تناقش مواضيع اقتصادية بحتة, باستثناء موضوع غزة وهو موضوع طارئ عليها رغم اهميته القصوى.
ارى ان القمة الاقتصادية منظمة بشكل جيد لكي تناقش جميع المشكلات والهموم الاقتصادية المطروحة على الساحة.
لاشك ان المواضيع التي ستتم مناقشتها داخل اروقة القمة الاقتصادية ستكون متشعبة وكثيرة ومتداخلة ولذلك لابد ان تقوم القمة بفصل الاختصاصات وتوزيع المهام والنشاطات والاقتراحات وكذلك الحلول.
نحن نحتاج كدول عربية الى تعميق مفهوم التنفيذ والتنسيق وذلك حتى تكتمل خططنا وتترجم الى ارض الواقع, ونستطيع من خلالها العبور الى شاطئ الامان عبر جسر العمل الواقعي القابل للتنفيذ ومن دون التركيز على نقاط اساسية ومحاور محددة لن ننجح في تحقيق اهداف القمة.
نتمنى ان تنجح القمة الاقتصادية الحالية ولا تتعرض للفشل كما حدث مع غيرها من القمم السابقة التي نأت عن اهدافها وتحولت الى مجرد اجتماعات غير مجدية النفع.
لاشك ان القمة ستناقش مشكلة الازمة المالية وستحاول ايجاد حلول لها وهذا ما سنشهده خلال الايام المقبلة.
د.مصطفى بهبهاني
رئيس مجلس إدارة الشركة الخليجية للاستشارات الاقتصادية