الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبادة الذين اصطفى
قبل سنوات وفي أول هجرته خاض مهاجر معركة مصيرية.. كانت معركة فاصلة في طريق هجرته … لازال يذكرها ويذكر تفاصيلها كأنه خاضها للتو ..
في ذلك اليوم كان مهاجر يلمم أوراقه ويجهز أمتعته استعدادا للهجرة ..
وأثناء ذلك دخلت عليه نفسه !!!
هالها ما رأت !! كان مهاجر يأخذ أمتعته وأغراضه الشخصية .. لم تتوقع أن يصل به الأمر إلى الهجرة .. كانت تراقب تقلب أوضاعه منذ فترة … لم تكن راضية عن هذه التطورات .. كثر حديثة عن المسلمين وعن الأمة وعن القدس وعن الجهاد … ولكنها كانت تتوقع أنها نزوة شباب سرعان ما تخبوا …
سألته : مهاجر ماذا تفعل ؟
فأجابها : كما ترين لقد نويت الهجرة .
لم تحتمل ولم تستطع السكوت على هذا الأمر … أرادت أن تثنية عن عزمه … بدأت باستخدام أساليبها الشيطانية .. ورمت بسهمها الأول …
مهاجر … ماذا دهاك
ماذا دهاك يطيب عيشك بالحزن
تشري النعيم وتمتطي صهو الصعاب
ماذا عليك إذا غدوت بلا وطن
فأنعم .ترى ذا العيش في ظل الشباب
فأجابها معنفاً …
هذه يهديك ربي فأرجعي
القدس تصرخ تستغيثك فأرجعي
والجنب مني بات يجفو مضجعي
فالموت خير من حياة الخنع
ولذا فشدي همت وتشجعي
لم يصيب سهمها الأول هدفه ورمت بالثاني .. مرجفة له بحالة الذي سيؤول إليه بعد الهجرة … وقالت
هاأنت ترفس بالقيود بلا ثمن
وغداً تموت وتنتهي تحت التراب
وبنوك واعجبي ستتركهم لمن
والزوج تسلمها فتنهشها الذئاب
ساه إرجافها وشيطانيتها … وأجابها إجابة الواثق …
القيد يظهر دعوتي يوم فعي
وإذا قتلت ففي اله مصرعي
والزوج والأبناء مذ كانوا معي
في حفظ ربي لا تثير مدمعي
وعلى البلاء تصبري لا تجزعي
فلما رأته متمسك بقيوده .. أرجفت له بالغربة التي سيعيشها … وقالت بصوت ناصح أمين
إني أخاف عليك أن تنفى غداً
ويصير بيتك خاوياً يشكو الخراب
وتهيم بحثاً عن خليل مؤتمن
يبكي لحالك أو يشاطرك العذاب
فأجابها بصوت المحفز المشفق …
إن تصبري يا نفس حقاً ترفعي
في جنة الرحمن خير المرتع
إن الحياة وإن تطل يأتي النعي
فإلى الزوال مآلها لا تطمعي
إلا بنيل شهادة فتشفعي
بعد ذلك ….
الصمت … هو الذي ساد السكون .. كان كل منهم ينظر للآخر بعدما رمى بما عنده من حج ..
فالنفس تنتظر نتيجة إرجافها أن يعدل عن هجرته وأن يعيد ملابسه في الخزانة وأن يرجع أوراقه إلى مكتبه ..
وهو ينتظر أن تعود لرشدها أن تحسم أمرها أن تختار طريقها …
استمر صمتهم أربعة وعشرون دقيقة كل دقيقة بسنة من عمره ..
بعد هذا الصمت الطويل علم مهاجر نتيجة هذه المعركة … لم يكن يريدها أن تصل لهذه النهاية … بل لم يكن يتوقع أنه سيهاجر ويترك نفسه !!!
أيهاجر ويدع نفسه !!!
كان قرار صعب … هو لم يتردد في الهجرة عندما تذكر أمه وحياته ومستقبله … ولكن نفسه !!!
الأمر يختلف كثيراً …
التقط مهاجر حقيبته واستدار صوب الباب …
أما هي فلم تكن تتوقع أنه سيفعلها … لقد جربته في مرات كثيرة . كانت كثيراً ما تستطيع أن تثنية عن عزمه … أما في هذه المعركة فقد بدأ مختلفاً عما عهدته …
والآن ماذا ستفعل أتتركه يذهب ؟! هل بقية لديها شبهة ترمي بها في طريقة !!؟
….
وقبل أن يصل إلى الباب نادته .. مهاجر … مهاجر …
لم يلتف لها .. لا يريد أن يسمع شبه جديدة …
لكنها أصرت .. مهاجر … مهاجر أرجوك اسمعني ..
وهو ممسك بقبضة الباب التفت إليها .. ماذا تريدين …
… قالت …
إن أراك نذرت نفسك للمحن
وزهدت في دنيا الثعالب والكلاب
وعشقت رمل يحتويك بلا كفن
ورجوت ربي أن تكون على صواب ..
ابتسم مهاجر ابتسامة المنتصر .. إذاً ستأتين معي ؟؟
أجابته ودموع التوبة في عينيها .. نعم …
أراد أن يبين لها وعورة الطريق وعقباته الكئود ..
أنا لن أبيت منكسا للألمعي
وعلى الزناد يظل دوما إصبعي
ولأن كرهت البذل نفس تصفعي
من كل خوار ومختال دعي
وإذا بذلت الغالي مجداً تصنعي ..
فأجابته إجابة من باعت نفسها لله …
إن أعيذك أن تذل إلى وثن
أو أن يعود السيف في غمد الجراح
فأقضي الحياة كما تريد فلا ولن
أرض حياة لا تظللها الحراب
إلى العلى بلا حساب
إلى العلى بلا حساب
إلى العلى بلا حساب
………………
ففتح لها ذراعيه وأتته تركض حتى ارتمت بين أضلاعه ..
وخرجا من الباب ولهما حدا …
…………………………….
القصيدة للدكتور عبد العزيز الرنتيسي
قبل سنوات وفي أول هجرته خاض مهاجر معركة مصيرية.. كانت معركة فاصلة في طريق هجرته … لازال يذكرها ويذكر تفاصيلها كأنه خاضها للتو ..
في ذلك اليوم كان مهاجر يلمم أوراقه ويجهز أمتعته استعدادا للهجرة ..
وأثناء ذلك دخلت عليه نفسه !!!
هالها ما رأت !! كان مهاجر يأخذ أمتعته وأغراضه الشخصية .. لم تتوقع أن يصل به الأمر إلى الهجرة .. كانت تراقب تقلب أوضاعه منذ فترة … لم تكن راضية عن هذه التطورات .. كثر حديثة عن المسلمين وعن الأمة وعن القدس وعن الجهاد … ولكنها كانت تتوقع أنها نزوة شباب سرعان ما تخبوا …
سألته : مهاجر ماذا تفعل ؟
فأجابها : كما ترين لقد نويت الهجرة .
لم تحتمل ولم تستطع السكوت على هذا الأمر … أرادت أن تثنية عن عزمه … بدأت باستخدام أساليبها الشيطانية .. ورمت بسهمها الأول …
مهاجر … ماذا دهاك
ماذا دهاك يطيب عيشك بالحزن
تشري النعيم وتمتطي صهو الصعاب
ماذا عليك إذا غدوت بلا وطن
فأنعم .ترى ذا العيش في ظل الشباب
فأجابها معنفاً …
هذه يهديك ربي فأرجعي
القدس تصرخ تستغيثك فأرجعي
والجنب مني بات يجفو مضجعي
فالموت خير من حياة الخنع
ولذا فشدي همت وتشجعي
لم يصيب سهمها الأول هدفه ورمت بالثاني .. مرجفة له بحالة الذي سيؤول إليه بعد الهجرة … وقالت
هاأنت ترفس بالقيود بلا ثمن
وغداً تموت وتنتهي تحت التراب
وبنوك واعجبي ستتركهم لمن
والزوج تسلمها فتنهشها الذئاب
ساه إرجافها وشيطانيتها … وأجابها إجابة الواثق …
القيد يظهر دعوتي يوم فعي
وإذا قتلت ففي اله مصرعي
والزوج والأبناء مذ كانوا معي
في حفظ ربي لا تثير مدمعي
وعلى البلاء تصبري لا تجزعي
فلما رأته متمسك بقيوده .. أرجفت له بالغربة التي سيعيشها … وقالت بصوت ناصح أمين
إني أخاف عليك أن تنفى غداً
ويصير بيتك خاوياً يشكو الخراب
وتهيم بحثاً عن خليل مؤتمن
يبكي لحالك أو يشاطرك العذاب
فأجابها بصوت المحفز المشفق …
إن تصبري يا نفس حقاً ترفعي
في جنة الرحمن خير المرتع
إن الحياة وإن تطل يأتي النعي
فإلى الزوال مآلها لا تطمعي
إلا بنيل شهادة فتشفعي
بعد ذلك ….
الصمت … هو الذي ساد السكون .. كان كل منهم ينظر للآخر بعدما رمى بما عنده من حج ..
فالنفس تنتظر نتيجة إرجافها أن يعدل عن هجرته وأن يعيد ملابسه في الخزانة وأن يرجع أوراقه إلى مكتبه ..
وهو ينتظر أن تعود لرشدها أن تحسم أمرها أن تختار طريقها …
استمر صمتهم أربعة وعشرون دقيقة كل دقيقة بسنة من عمره ..
بعد هذا الصمت الطويل علم مهاجر نتيجة هذه المعركة … لم يكن يريدها أن تصل لهذه النهاية … بل لم يكن يتوقع أنه سيهاجر ويترك نفسه !!!
أيهاجر ويدع نفسه !!!
كان قرار صعب … هو لم يتردد في الهجرة عندما تذكر أمه وحياته ومستقبله … ولكن نفسه !!!
الأمر يختلف كثيراً …
التقط مهاجر حقيبته واستدار صوب الباب …
أما هي فلم تكن تتوقع أنه سيفعلها … لقد جربته في مرات كثيرة . كانت كثيراً ما تستطيع أن تثنية عن عزمه … أما في هذه المعركة فقد بدأ مختلفاً عما عهدته …
والآن ماذا ستفعل أتتركه يذهب ؟! هل بقية لديها شبهة ترمي بها في طريقة !!؟
….
وقبل أن يصل إلى الباب نادته .. مهاجر … مهاجر …
لم يلتف لها .. لا يريد أن يسمع شبه جديدة …
لكنها أصرت .. مهاجر … مهاجر أرجوك اسمعني ..
وهو ممسك بقبضة الباب التفت إليها .. ماذا تريدين …
… قالت …
إن أراك نذرت نفسك للمحن
وزهدت في دنيا الثعالب والكلاب
وعشقت رمل يحتويك بلا كفن
ورجوت ربي أن تكون على صواب ..
ابتسم مهاجر ابتسامة المنتصر .. إذاً ستأتين معي ؟؟
أجابته ودموع التوبة في عينيها .. نعم …
أراد أن يبين لها وعورة الطريق وعقباته الكئود ..
أنا لن أبيت منكسا للألمعي
وعلى الزناد يظل دوما إصبعي
ولأن كرهت البذل نفس تصفعي
من كل خوار ومختال دعي
وإذا بذلت الغالي مجداً تصنعي ..
فأجابته إجابة من باعت نفسها لله …
إن أعيذك أن تذل إلى وثن
أو أن يعود السيف في غمد الجراح
فأقضي الحياة كما تريد فلا ولن
أرض حياة لا تظللها الحراب
إلى العلى بلا حساب
إلى العلى بلا حساب
إلى العلى بلا حساب
………………
ففتح لها ذراعيه وأتته تركض حتى ارتمت بين أضلاعه ..
وخرجا من الباب ولهما حدا …
…………………………….
القصيدة للدكتور عبد العزيز الرنتيسي