قصة الغاز الكويتي... اكتشاف معقد جداً
على الرغم من ثرواتها النفطية، قد تواجه منطقة الخليج قريبا نقصا في الطاقة في احد الحقول المهمة. فالطلب على الغاز من قبل مشاريع التطوير الصناعي يرتفع بسرعة عبر المنطقة كلها، وبالتالي فان خطط التنويع الاقتصادي قد تعاني، الا اذا تمت بعض الاكتشافات الجديدة لتلبية الطلب المتنامي. لكن بالنسبة للكويت، يبدو الحل في متناول اليد مع بدء انتاج الغاز هذا العام.
ويعتبر هذا التطور في الكويت مهما جدا في الوقت الذي تصارع الدول الاخرى في المنطقة لانتاج حاجتها من الغاز. وتقوم السعودية باستثمارات كبيرة في التنقيب عن الغاز لكنها لم تعثر بعد على حقول كبيرة بما يكفي لتلبية الطلب المتوقع، وتستمر قطر في الامتناع ذاتيا عن القيام بعمليات تطوير اضافية في حقل الشمال الضخم.
وبدأت الكويت في تصدير النفط في العام 1950 ومنذ ذلك الحين والجيولوجيون يواصلون البحث عن حقول غاز طبيعي منفصل يعرف باسم الغاز الخالص (غير المصاحب). وظل البحث غير مثمر حتى العام 2006 حين فاجأ وزير النفط الكويتي (السابق) الشيخ احمد الفهد الصباح الصناعة والبلاد باعلانه ان الكويت دخلت عصر الغاز.
واكتشفت شركة نفط الكويت احتياطات تزيد على 34 تريليون قدم مكعب من الغاز الخالص في اربعة حقول في شمال البلاد. ولم يكن من الممكن ان يأتي الاكتشاف في وقت افضل من هذا. اذ ان محطات الطاقة الكهربائية في البلاد ظلت لسنوات تحرق النفط الكثير التلويث والمرتفع الثمن بسبب الافتقار للغاز.
يقول نائب رئيس مجلس الإدارة ونائب العضو المنتدب للتخطيط والغاز محمد أحمد حسين في شركة نفط الكويت «عندما وجدنا الغاز سألنا انفسنا ما إذا كان ذلك حقيقياً». ويضيف «بدأنا الحفر العام 2000، واستغرق الأمر خمس سنوات لاكتشافه».
في الواقع، وبعيداً عن كون الاكتشاف قد أعلن بسرعة صرفت انتباه المراقبين بعيداً، فإن اكتشاف الغاز كان واحداً من أكثر الاكتشافات التي تم تحليلها بدقة متناهية في المنطقة. وبعد اكتشاف في الأعماق البعيدة في حقل الصابرية العام 2000، لحظت «نفط الكويت» معدلات تجارية للغاز في موقعين، ووجدت مكثفات من الغاز في الأحجار الجيرية. كما أظهرت الآبار الاستكشافية في ستة مواقع أخرى مزيداً من الاكتشافات.
ويشرح حسين بأنه كان هناك «تجميع مكثف للمعلومات من الآبار المحفورة، وقمنا في إثرها بإنشاء منشأة تجريبية بطاقة 18 مليون قدم مكعب في اليوم، وخمسة آلاف برميل من المكثفات (بالتعاون مع «وورلي بارسون» الأسترالية)»، ويضيف أن «الآبار التي حفرت لتقييم مدى القيمة التجارية للاكتشافات وتحديدها أنجزتها شركات خدمات النفط الأميركية «شلومبرغر»، كما أقيمت خزانات مشتركة، واستخدمت التقنيات التناظرية، وفحصت خصائص السوائل والصخور».
وقامت «نفط الكويت» بعد ذلك بإتشاء النموذج المركب للحقول الستة في شمال الكويت، التي كان بات من المفترض وجود الغاز فيها. ووضعت توقعات مختلفة لحقول الرتقة ومرتيبة والروضتين والصابرية وأم النقا وبهرة، ووضعت اللمسات النهائية على خطة مرحلية لإنتاج الغاز.
بعد ثماني سنوات على حفر الآبار الأولى، باتت الكويت جاهزة الآن لإنتاج الغاز غير المصاحب. سيتم ذلك من خلال منشأة الإنتاج المبكر (EPF) التي عهد إلى شركة صفوان للتكنولوجيا النفطية المحلية إنشاءها، بعد أن فازت بعقد بقيمة 240 مليون دولار اميركي لمدة خمس سنوات لبنائه وتشغيل المرفق في 2006. وفي المرحلة الأولى، تم إنتاج 175 مليون قدم مكعب في اليوم، و50 ألف برميل يومياً، بنهاية مارس الماضي.
وليس تلك سوى البداية، ففي المرحلة الثانية يتوقع أن يرتفع إنتاج الغاز غيرالمصاحب إلى 600 مليون قدم مكعب في اليوم بحلول العام 2011، فيما المنتظر أن يبلغ الإنتاج في المرحلة الثالثة نحو مليار قدم مكعب في اليوم في العام 2016، وفقاً لما تقوله «نفط الكويت».
وكشف حسين انه مع انتاج مليار قدم مكعب يوميا من الغاز، ستنتج الكويت اكثر من 300 الف برميل يوميا من الغاز المكثف، الى جانب 3 الاف طن يوميا من الايثان و3 الاف طن من البروبان والبوتان. كما ستنتج 750 طنا يوميا من السولفور الذي قد يتم تخزينه تحت الارض أو تصديره.
لكن على الرغم من ان شركة نفط الكويت حددت العام 2011 موعدا لرفع الانتاج الى 600 مليون قدم مكعب يوميا، لم تطرح المرحلة الثانية من منشأة الانتاج المبكر بعد. ويبدو ان الوقت ينفد امام منشآت الاستخراج في حال ارادت ان تبلغ الطاقة المستهدفة. ورغم ذلك، يقول حسن ان شركة نفط الكويت قد ترفع الطاقة الانتاجية المستهدفة الى اكثر من المليار قدم مكعب يوميا المستهدفة في العام 2016.
لكن ذلك يعتمد على نتائج المرحلة الاولى، اذ ان الطريقة المستخدمة في التمويل ليست معتمدة في المنطقة، حيث تفضل شركات النفط الوطنية تمويل منشآتها ذاتيا، تزيدها فرادة «المقاومة السياسية» في الكويت لدخول القطاع الخاص الى الموارد العامة الرئيسية في البلاد. لكن شركة نفط الكويت تبدو متفائلة حول كمية الغاز المتوقع استخراجها.
ويبقى قطاع الطاقة في الكويت الرابح الاكبر من الاكتشافات الجديدة. فمحطات الطاقة الست في البلاد تستهلك 125 الف برميل يوميا من النفط الخام، والتي تكلف الدولة اكثر من 10 ملايين دولار يوميا، او نحو 4 مليارات دولار سنويا، من ايرادات التصدير.
فتح اكتشاف الغاز خيارات جديدة امام الكويت. وبعد سنوات من الاعتقاد بأن الغاز بعيد المنال، يمكن النظر حاليا الى مستقبل يستطيع الغاز ان يلعب فيه دورا مكملا في عملية رفع طاقة البلاد الانتاجية من النفط الى 4 ملايين برميل يوميا
على الرغم من ثرواتها النفطية، قد تواجه منطقة الخليج قريبا نقصا في الطاقة في احد الحقول المهمة. فالطلب على الغاز من قبل مشاريع التطوير الصناعي يرتفع بسرعة عبر المنطقة كلها، وبالتالي فان خطط التنويع الاقتصادي قد تعاني، الا اذا تمت بعض الاكتشافات الجديدة لتلبية الطلب المتنامي. لكن بالنسبة للكويت، يبدو الحل في متناول اليد مع بدء انتاج الغاز هذا العام.
ويعتبر هذا التطور في الكويت مهما جدا في الوقت الذي تصارع الدول الاخرى في المنطقة لانتاج حاجتها من الغاز. وتقوم السعودية باستثمارات كبيرة في التنقيب عن الغاز لكنها لم تعثر بعد على حقول كبيرة بما يكفي لتلبية الطلب المتوقع، وتستمر قطر في الامتناع ذاتيا عن القيام بعمليات تطوير اضافية في حقل الشمال الضخم.
وبدأت الكويت في تصدير النفط في العام 1950 ومنذ ذلك الحين والجيولوجيون يواصلون البحث عن حقول غاز طبيعي منفصل يعرف باسم الغاز الخالص (غير المصاحب). وظل البحث غير مثمر حتى العام 2006 حين فاجأ وزير النفط الكويتي (السابق) الشيخ احمد الفهد الصباح الصناعة والبلاد باعلانه ان الكويت دخلت عصر الغاز.
واكتشفت شركة نفط الكويت احتياطات تزيد على 34 تريليون قدم مكعب من الغاز الخالص في اربعة حقول في شمال البلاد. ولم يكن من الممكن ان يأتي الاكتشاف في وقت افضل من هذا. اذ ان محطات الطاقة الكهربائية في البلاد ظلت لسنوات تحرق النفط الكثير التلويث والمرتفع الثمن بسبب الافتقار للغاز.
يقول نائب رئيس مجلس الإدارة ونائب العضو المنتدب للتخطيط والغاز محمد أحمد حسين في شركة نفط الكويت «عندما وجدنا الغاز سألنا انفسنا ما إذا كان ذلك حقيقياً». ويضيف «بدأنا الحفر العام 2000، واستغرق الأمر خمس سنوات لاكتشافه».
في الواقع، وبعيداً عن كون الاكتشاف قد أعلن بسرعة صرفت انتباه المراقبين بعيداً، فإن اكتشاف الغاز كان واحداً من أكثر الاكتشافات التي تم تحليلها بدقة متناهية في المنطقة. وبعد اكتشاف في الأعماق البعيدة في حقل الصابرية العام 2000، لحظت «نفط الكويت» معدلات تجارية للغاز في موقعين، ووجدت مكثفات من الغاز في الأحجار الجيرية. كما أظهرت الآبار الاستكشافية في ستة مواقع أخرى مزيداً من الاكتشافات.
ويشرح حسين بأنه كان هناك «تجميع مكثف للمعلومات من الآبار المحفورة، وقمنا في إثرها بإنشاء منشأة تجريبية بطاقة 18 مليون قدم مكعب في اليوم، وخمسة آلاف برميل من المكثفات (بالتعاون مع «وورلي بارسون» الأسترالية)»، ويضيف أن «الآبار التي حفرت لتقييم مدى القيمة التجارية للاكتشافات وتحديدها أنجزتها شركات خدمات النفط الأميركية «شلومبرغر»، كما أقيمت خزانات مشتركة، واستخدمت التقنيات التناظرية، وفحصت خصائص السوائل والصخور».
وقامت «نفط الكويت» بعد ذلك بإتشاء النموذج المركب للحقول الستة في شمال الكويت، التي كان بات من المفترض وجود الغاز فيها. ووضعت توقعات مختلفة لحقول الرتقة ومرتيبة والروضتين والصابرية وأم النقا وبهرة، ووضعت اللمسات النهائية على خطة مرحلية لإنتاج الغاز.
بعد ثماني سنوات على حفر الآبار الأولى، باتت الكويت جاهزة الآن لإنتاج الغاز غير المصاحب. سيتم ذلك من خلال منشأة الإنتاج المبكر (EPF) التي عهد إلى شركة صفوان للتكنولوجيا النفطية المحلية إنشاءها، بعد أن فازت بعقد بقيمة 240 مليون دولار اميركي لمدة خمس سنوات لبنائه وتشغيل المرفق في 2006. وفي المرحلة الأولى، تم إنتاج 175 مليون قدم مكعب في اليوم، و50 ألف برميل يومياً، بنهاية مارس الماضي.
وليس تلك سوى البداية، ففي المرحلة الثانية يتوقع أن يرتفع إنتاج الغاز غيرالمصاحب إلى 600 مليون قدم مكعب في اليوم بحلول العام 2011، فيما المنتظر أن يبلغ الإنتاج في المرحلة الثالثة نحو مليار قدم مكعب في اليوم في العام 2016، وفقاً لما تقوله «نفط الكويت».
وكشف حسين انه مع انتاج مليار قدم مكعب يوميا من الغاز، ستنتج الكويت اكثر من 300 الف برميل يوميا من الغاز المكثف، الى جانب 3 الاف طن يوميا من الايثان و3 الاف طن من البروبان والبوتان. كما ستنتج 750 طنا يوميا من السولفور الذي قد يتم تخزينه تحت الارض أو تصديره.
لكن على الرغم من ان شركة نفط الكويت حددت العام 2011 موعدا لرفع الانتاج الى 600 مليون قدم مكعب يوميا، لم تطرح المرحلة الثانية من منشأة الانتاج المبكر بعد. ويبدو ان الوقت ينفد امام منشآت الاستخراج في حال ارادت ان تبلغ الطاقة المستهدفة. ورغم ذلك، يقول حسن ان شركة نفط الكويت قد ترفع الطاقة الانتاجية المستهدفة الى اكثر من المليار قدم مكعب يوميا المستهدفة في العام 2016.
لكن ذلك يعتمد على نتائج المرحلة الاولى، اذ ان الطريقة المستخدمة في التمويل ليست معتمدة في المنطقة، حيث تفضل شركات النفط الوطنية تمويل منشآتها ذاتيا، تزيدها فرادة «المقاومة السياسية» في الكويت لدخول القطاع الخاص الى الموارد العامة الرئيسية في البلاد. لكن شركة نفط الكويت تبدو متفائلة حول كمية الغاز المتوقع استخراجها.
ويبقى قطاع الطاقة في الكويت الرابح الاكبر من الاكتشافات الجديدة. فمحطات الطاقة الست في البلاد تستهلك 125 الف برميل يوميا من النفط الخام، والتي تكلف الدولة اكثر من 10 ملايين دولار يوميا، او نحو 4 مليارات دولار سنويا، من ايرادات التصدير.
فتح اكتشاف الغاز خيارات جديدة امام الكويت. وبعد سنوات من الاعتقاد بأن الغاز بعيد المنال، يمكن النظر حاليا الى مستقبل يستطيع الغاز ان يلعب فيه دورا مكملا في عملية رفع طاقة البلاد الانتاجية من النفط الى 4 ملايين برميل يوميا